بعدما أيقن العدو الإسرائيلي بأن حزب الله ماضٍ في خيار الرد على جريمة استهداف أحد عناصره، الشهيد علي محسن، وفي أعقاب البيان الذي أصدره الحزب أول من أمس وأوضح فيه خياره بعد «أحداث شبعا»، عمد جيش العدو الى تعزيز قواته في المناطق الشمالية، بمنظومات نيران متطورة ووحدات تجميع المعلومات وقوات خاصة. ولفت جيش العدو الى أن تعزيز القوات أتى في أعقاب تقدير وضع قامت به قيادة الجيش. وفي وقت سابق، عقد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، جلسة لتقدير الوضع في مقر قيادة المنطقة الشمالية لجيش الاحتلال. وذكرت مصادر إسرائيلية أيضاً أن الجيش استدعى جنود احتياط لتعزيز قيادة المنطقة الشمالية.وشارك في جلسة تقدير الوضع إلى جانب نتنياهو كل من: رئيس الأركان، أفيف كوخافي، قائد المنطقة الشمالية، اللواء أمير برعام، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، اللواء تامير هايمن وضباط كبار آخرون، استمعوا إلى تقارير أمنية عن الأحداث في مزارع شبعا أول من أمس. وكان لافتاً غياب وزير الأمن ورئيس حزب «أزرق أبيض»، بيني غانتس، عن هذه المداولات. في السياق نفسه، وجه غانتس مجموعة رسائل مكررة، أوضح فيها أن لدى إسرائيل «القدرة على العمل في أي نطاق وبجاهزية عملانية غير مسبوقة» متوجّهاً في تهديداته الى إيران ولبنان وسوريا.
مستوى الاستنفار العالي ظهر ميدانياً الليل الفائت، عندما أعلن العدو الاشتباه في تحركات قرب السياج الحدودي، طالباً من المستوطنين عدم مغادرة منازلهم. قرب مستعمرة المطلة، بدأ جنود الاحتلال يطلقون النار في الهواء، خشية وجود «تسلل» ما. وقبالة رأس الناقورة، عاينوا منطقة الحدود. وبعد أكثر من ساعة، أعلن الناطق باسم جيش الاحتلال أن ما جرى كان «إنذاراً كاذباً». ربما هي درجة الاستنفار العالية التي دفعت «إسرائيل» إلى ملاحقة «الجن» من أبعد نقطة حدودية غرباً، وصولاً إلى المطلة شرقاً، أو أن ثمة من قرر التلاعب بأعصاب قوات الاحتلال، في إطار دفعها إلى البقاء مستنفرة.
ورأى المراسل العسكري في القناة 13، أور هيلر، في تعزيزات الجيش، تعبيراً عن «استعداده لعملية أخرى من جانب حزب الله في اليومين المقبلين، حتى عيد الأضحى. وهو يستعد لتوجيه ضربة نارية مهمة لحزب الله في حال تنفيذه تهديده بعدم إنهاء الحادثة ومحاولة الهجوم مرة أخرى في منطقة السياج».
وبالنسبة إلى ما جرى في مزارع شبعا أول من أمس، وبعدما سرّب جيش الاحتلال «معلومات» عن وجود تسجيلات لديه تُثبت أن «خلية من حزب الله تسلّلت» إلى مزارع شبعا، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه «بحسب تقرير الجيش، فإن مجموعة من 3 إلى 5 عناصر من حزب الله دخلت أمتاراً معدودة الى المزارع، وهو ما يُثير التساؤل حول مدى دقة الحديث عن التصوير لأنه في هذه الحالة ينبغي أن تكون أعداد الأفراد واضحة في التصوير». لكن الصحيفة لفتت أيضاً الى أنه إذا كان وصف الجيش دقيقاً، فإن مقاتلي حزب الله لم يطلقوا رصاصة واحدة، وأن بيان الحزب الصادر مساء أول من أمس بنفي حدوث أي اشتباك مع القوات الإسرائيلية ينسجم بشكل كبير مع واقع الحدث». وتابع المراسل العسكري للصحيفة، يوسي يهوشع، أن تلويح حزب الله بهجوم انتقامي لاحق، يعني أن «الحدث لم ينته». وتوقف يهوشع عند رواية الجيش (التي يتبناها كصحافي إسرائيلي)، معتبراً أنها تؤشر الى وجود مشكلة في الردع مقابل حزب الله، لدرجة أنه يمتنع عن استهداف مقاومين لحزب الله في طريقهم لتنفيذ عملية. وهو قرار مستغرب وفقاً لجميع الآراء. وأضاف أيضاً إن امتناع الجيش عن نشر شريط الفيديو لتسلل مقاتلي حزب الله «يثير تساؤلات أيضاً».
ايقن العدو بأن حزب الله ماضٍ في خيار الردّ على جريمة استهداف أحد عناصره


من جهته، رأى المراسل العسكري لقناة «كان» التلفزيونية، روعي شارون، أن هناك ردعاً متبادلاً قوياً بين إسرائيل وحزب الله، موضحاً ذلك بأن إسرائيل تمتنع غالباً عن تنفيذ عمليات في الأراضي اللبنانية واستهداف ناشطي حزب الله، ونصر الله من جانبه حذر جداً في ممارسة القوة ضد إسرائيل، وخاصة انطلاقاً من لبنان.
في كل الأحوال، وأمام اتساع نطاق الاحتمالات إزاء ما يقوله جيش الاحتلال، بنظر بعض المعلّقين، فقد اختصر أحدهم المشهد وفق المعادلة الآتية: «إن كانت غاية إطلاق النار الردع، تصبح القضية ترجمة لسياسة احتواء بإيعاز من المستوى السياسي ومن أجل منع تدهور أمني، فيما يتجول مواطنون كثيرون في شمال البلاد... وإذا لم تكن هناك تعليمات باحتواء تسلل مقاتلي حزب الله، يمكن تعريف الحادث على أنه فشل خطير جداً لقوات الجيش في المنطقة، لأن القوات والقدرات المنتشرة في مزارع شبعا، والمدعومة جواً، لا يمكن أن تسمح لخلية بالإفلات».