وليسَت المُشكلة الأخيرة مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعيدة عن أسباب «العتب السرّي»، إذ يرى باسيل أن الحزب لم يقف إلى جانبه في ملف «الفيول المغشوش»، رغم دعوة الحزب، على لسان نائب أمينه العام، الحلفاء إلى تسليم المشتبه فيهم إلى القضاء.
يُقرّ الحليفان بوجود اختلافات في السياسة، كما في ملفات حيوية مُرتبطة بعنوان المرحلة: الاقتصاد والمال، لكنها «تحتَ سقف التحالف الاستراتيجي» و«فوق أي محاولات النيل من هذا التحالُف». هذه «مُسلمة» وفقَ ما يقوله نوابهما. من الطبيعي أن لا يكون هناك رأي موحّد بين الحزب والتيار، فالانقسام أصبَح داخِل التيار نفسه. على سبيل المثال، ما حصل في الهيئة العامة، حين صوّت عونيون ضد اقتراح قانون مقدّم من حزب الله وحركة أمل لتعديل آليات محاكمة الوزراء. وفي مثال آخر على المقاربات المختلفة، يتحدث الطرفان عن الكهرباء، خاصّة في شأن إنشاء ثلاثة معامِل، وهو ما رفضه الحزب منذُ حكومة الرئيس سعد الحريري. ومثال ثالث، وهو اختلاف جوهري، ظهر في لجنة المال والموازنة، أثناء نقاش الخطة الاقتصادية للحكومة، عن حجم المسؤولية التي تتحملها المصارف والدولة في موضوع الخسائر. ففيما يجنَح العونيون أكثر في اتجاه تحميل الدولة مسؤولية أكبر، وهو موقف عبّر عنه باسيل أخيراً، يُصرّ الحزب على أن مسؤولية المصارف يجِب أن تنسجِم أقله مع حجم المغانِم التي اكتسبها أصحابها في العقود الأخيرة. وللطرفين مقاربة مُختلفة في ما يتعلّق بأصول الدولة والخصخصة، وهي نقطة يُعارضها الحزب، بينما يؤكد العونيون أنهم لا يطرحون الأمر من زاوية الخصخصة، بل الاستثمار في بعض القطاعات التي تؤمن أرباحاً للدولة. حتى في اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، ينطلِق العونيون من حاجة البلد إلى سيولة بالعملة الأجنبية، وأن لا وجود لخيار آخر سوى «الصندوق»، مع تأكيدهم عدم القبول بأي شروط سياسية.
يُقرّ الحليفان بوجود اختلافات في الملفات الاقتصادية والمالية
آخر النكزات العونية لحزب الله أتت أمس من النائب زياد أسود، الذي أشعل سجالاً حين علّق (على قناة «أو تي في») على السياق السياسي للأزمة الاقتصادية بأنه «لا يُمكِن حمل البارودة والشعب جوعان، اللي بدو يحمل بارودة بدو يكون شعبو مرتاح». ومع أن أسود أشار إلى أن ما يقوله «هو رأي الأميركيين»، وأن المشكلة هي في «عدم وعي الداخل وتحصين البلاد ضد الفساد»، غمز من باب أن «الحزب لن يستطيع الصمود من دون تضامن وطني، وأن على الحزب أن يعرف بأنه لا يُمكن أن يجمع بين الفساد والمقاومة، لأن ذلك سيؤدي إلى تفكك من حوله في الداخل». مصادِر في التيار الوطني الحر رأت أن أسود «كانَ يوصّف حالة ولا يتبنّى رأياً». لكن كلام النائب الجزيني أثار الكثير من اللغط، خاصة بعدما أثنى عليه القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش، الذي اعتبر تصريح أسود «مسؤولاً ومنطقياً وبارقة أمل للبنانيين حول مصلحتهم بدل المتاريس الإقليمية». فهل أضمَر أسود في موقفه هذا تحاملاً على حزب الله لتحميله ما يتعرض له اللبنانيون من حصار وتجويع؟ وهل هذا موقف حزبه أم رأي شخصي؟
رغم ما تقدّم، يجتمِع الحزب والتيار على ضرورة عدم تفجير التناقضات بينهما. فالخلافات الداخلية يُنظَر إليها بكثير من الانزعاج من قبلهما، في لحظة انهيار تفرِض ترتيب الأولويات التي تنحصِر اليوم بالأزمة الاقتصادية والمالية.