كأن معاناة النازحين السوريين لا تكفيهم حتى تضاف إليها أزمة «كورونا». أخيراً، علت أصوات هؤلاء بعدما لامسوا الجوع بسبب إجراءات الحجر التي فرضتها إجراءات الوقاية من الفيروس. الصرخة الأقوى كانت من عرسال، حيث يعيش 63 ألف نازحٍ موزعين على 142 مخيماً (أكبرها يتألف من 210 خيم، وأصغرها من 6 خيم). وجد هؤلاء أنفسهم تحت «الحصار»، بعد حشرهم في الخيم بسبب قرارات التعبئة. ويوماً بعد آخر، يكبر خوفهم مع ازدياد الجوع داخل كثير من الخيم بسبب انقطاع «أربابها» عن العمل وتقاعس الهيئات الدولية عن تقديم المساعدات لهم، ومنها مفوضية شؤون اللاجئين التي يتهمونها بـ«الاستنسابية» في توزيع المساعدات «التي تعطى لأشخاص دون آخرين»، بحسب رئيس «لجنة صوت اللاجئ في عرسال» ابراهيم مسلماني.هذه «الاستنسابية» وضعت النازحين من غير المستفيدين أمام هاجس السؤال عن المعيار الذي تتبعه المفوضية في تقدير حالة الفقر في مخيمات عرسال، وعلى أساسه تقرر المساعدات. سبب السؤال أن عائلات كثيرة صارت دون خط الفقر «فيما المفوضية مستمرة في سياسة إعطاء من ترى هي أنهم محتاجون»، على ما يقول مسلماني. وهو يلفت الى «معايير غير واضحة» في اختيار العائلات. ففي وقت تشمل فيه المساعدات (مالية وغذائية بقيمة 50 ألف ليرة لكل فرد) 9700 ملف لدى المفوضية، «تحرم حوالى 1370 عائلة من المساعدات، علماً بأن وضعها المعيشي سيئ ولا يختلف عمّن تشملهم المساعدات». أما ما زاد الطين بلة، أخيراً، فهي «مساعدات كورونا المؤقتة» بقيمة 320 ألف ليرة لأشهر أيار وحزيران وتموز، خصصتها المفوضية لنحو 100 ملف فقط. يقول مسلماني إنه «بموجب هذه المساعدات زادت المفوضية الفقير فقراً بحرمانه من المساعدات، والغني غنى بنيله عدة مساعدات بين دائمة ومؤقتة»، وإن كان الحديث عن «الغنى» هنا فيه مبالغة كثيرة.
«الانتقائيّة» أدّت إلى بروز ظاهرة السطو على المواد الغذائية


إلا أن الأخطر، هنا، هو أن هاتين «الاستنسابية» و«الانتقائية» أدتا الى بروز ظاهرة «السطو» داخل المخيمات. بحسب مسلماني، «زادت ظاهرة سرقة المواد الغذائية، وهو ما ينذر بخلافات قد تنشأ بين نازح حصل على مساعدة وجار له حُرم منها».
غير أن للمفوضية رأياً آخر. دلال حرب، المتحدثة الرسمية باسم المفوضية، أكدت لـ«الأخبار» أن «المساعدات تحدد وفق تقييم نقوم به بشكل دوري ومرافق للأوضاع المعيشية المتغيرة وللأولويات بين عائلات تعيش تحت خط الفقر، وأخرى تحت خط الفقر المدقع. وبنتيجة إحصاءاتنا تبين لنا 50% هي نسبة زيادة عدد اللاجئين الذين يعيشون في حالة فقر شديد خلال الأشهر القليلة الماضية». وفي هذا الإطار، تقدم المفوضية «مساعدات متعددة الأغراض وغذائية لـ 77% من العائلات النازحة المسجلة لديها، وتمكنت من رفع نسبة تقديم المساعدات أخيراً الى 83%»، مؤكدة أن «المساعدات تستند إلى المعادلة والمعايير نفسها التي تتبعها المفوضية والمنظمات الشريكة لإقرار المساعدات المتعددة الأغراض بحسب هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والتقسيم الجغرافي».