اعتبر الحزب الشيوعي أن البرنامج الحكومي يكاد يغيّب أي مقاربة للمقومات الأساسية الكلّية للمسألة الاجتماعية. ورأى أن البرنامج الحكومي يفتقد بشكل خاص إلى أيّ آليات محدّدة وملموسة ومزمّنة تتصل بكيفية حماية ديمومة العمل ونظام الأجر والحدّ الأدنى للأجور ومعاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة وتقديمات الضمان الاجتماعي ومشروع التغطية الصحية الشاملة ومكافحة الغلاء والتضخم والبطالة، فضلاً عن كبح جماح الهجرات الخارجية المتوقعة، في وقت يتهاوى فيه سعر صرف الليرة تجاه الدولار الأميركي يوماً بعد يوم.وحذّر المكتب السياسي للحزب من أن تزداد سياسة التقشف التي تعتمدها الخطة حدّة في حال الخضوع لشروط صندوق النقد الدولي، ما سيؤدي إلى تعميق الركود وزيادة البطالة والإفقار بحسب ما أكّدته تجارب العديد من الدول التي خضعت لبرامج الصندوق.
وفي هذا الإطار، دعا الحزب الشيوعي إلى الاستفادة من تجربة البرتغال التي استطاعت بعد عام 2015 أن توقف تدهور الاقتصاد البرتغالي الناجم عن التقشف التي فرضته الترويكا (صندوق النقد، المفوضية الاوروبية، المصرف المركزي الاوروبي) بدءاً من 2011. وكانت البرتغال قد حصلت على 78 مليار دولار من صندوق النقد، ولكنها مع ذلك دخلت في أكبر ركود اقتصادي، ما يدحض مقولة أن القروض المالية من الصندوق هي بمثابة الحل السحري لكل المشكلات. وفقط عندما تصدّت السياسة الاقتصادية للتقشف إثر الاتفاقية الموقّعة بين الأحزاب اليسارية منذ 2015، تمكّنت البرتغال من استعادة نموّها الاقتصادي (باعتراف من صندوق النقد الدولي نفسه) وعمدت إلى زيادة الحد الأدنى للأجور، وأوقفت تعديل النظم التقاعدية ومشاريع الخصخصة.
وكما الحزب الشيوعي، كذلك أكّد «لقاء التغيير» أن الحكومة الحالية هي الابنة الشرعية للمنظومة السياسية الحاكمة بكل تشكيلاتها، والتي تتحمل مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي غير المسبوق في لبنان.
«لقاء التغيير»: الإصلاح الاقتصادي لن يكون إلّا من خلال إصلاح سياسي


وأوضح أن الخطة الاقتصادية - المالية التي أقرتها، أغفلت المعالجة الجدّية للجوانب الاقتصادية والاجتماعية، والتي ستتفاقم أكثر وأكثر بنتيجة السياسات التي أتبعت منذ أكثر من ثلاثين عاماً ولم تزل. ولذلك، حذر اللقاء من المعالجات القاصرة، وبالتحديد، المراهنة على صندوق النقد الدولي ووصفاته، والتي هي بالأساس سياسية ترسخ تبعية القرار السيادي اللبناني للقيمين عليه، والتي لن تكون شروطه أبداً لمصلحة الشعب اللبناني واقتصاده. ورأى أن الأولوية هي للإصلاح الاقتصادي والمالي ومحاسبة من تسبب في الأزمة، وهذا لن يكون إلّا من خلال إصلاح سياسي بات ضرورياً، والذي لا يمكن أن تقوم به المنظومة السياسية المتحكمة نفسها، والتي بفضل توارثها أوصلت البلد إلى ما هو عليه.
ودعا إلى بناء ائتلاف وطني جامع لكل القوى المعارضة الوطنية وفق برنامج أولويات، من أجل إحداث خرق جدّي في بنية النظام السياسي-الطائفي الحاكم باتجاه بناء الدولة الوطنية الديمقراطية العادلة.