علمت «الأخبار» أن مصرف لبنان في صدد الإعداد لتعميم جديد يتعلق بالسحب من الأموال المودعة بالدولار، لكن بالليرة، وبما يُسميه «سعر السوق». ويعتبر هذا التعميم بمثابة جرعة مهدئة تقدم للمودعين الذين حرموا من حق السحب بالدولار، وفرض عليهم السحب وفق السعر الرسمي لليرة. لكنه لا يلغي الخسائر التي ستطالهم، على ما تشير تجربة التعميم الرقم ١٤٨، الذي سمح بسحب الدولار على أساس سعر 2600 ليرة فيما السعر الواقعي وصل إلى 3000 ليرة.الاتفاق على المبدأ أنجز، لكن ما لم يحسم هو حجم المسموح سحبه من الودائع شهرياً. وبعدما كان الميل باتجاه توحيد سقف السحوبات الشهرية بـ٥٠ مليون ليرة، تدرس اليوم مسألة السقف التصاعدي، بحيث يتحدد السقف تبعاً لحجم الوديعة.
وإذ يخشى البعض من أن يكون لهذه الخطوة أثر تضخمي، أكد مصدر مطلع أن هذا التأثير ليس واقعياً، لأن الأسعار الحالية كلها صارت مبنية على سعر الصرف في السوق. كذلك، اعتبر المصدر أنها خطوة ربما تسهم في تحريك جزئي للاقتصاد عبر إعادة ضخ بعض الأموال فيه، بعد أن يتأكد المودعون من أن أموالهم في المصرف لم تنخفض إلى النصف كما هو حاصل حالياً (السحب يتم على سعر 1500 ليرة للدولار). أما بالنسبة للحاجة إلى طبع مزيد من العملة، فقد قلل المصدر من أهمية هذه الخطوة في الوضع الحالي. كما أوضح أن السقف المالي للسحب على سعر السوق سيتحدد تبعاً لحجم الكتلة النقدية التي يمكن ضخّها. ولتخفيف هذه الكتلة النقدية قد يتم اعتماد السعر الجديد للدولار عند الشراء بواسطة البطاقات المصرفية، بحيث يتم دفع ثمن سلعة بالليرة على أساس سعر الدولار المحدد عبر المنصة التي يفترض أن تنشأ في مصرف لبنان، وليس على سعر 1500 ليرة كما يحصل حالياً.
وشددت المصادر على أن هذا التعديل في السعر محصور بالودائع بالدولار، وبالتالي، فإنه لا تعديل سيطرأ على القروض بالدولار، بحيث سيتمكن العميل من دفعها وفق السعر الرسمي.
وإلى حين إصدار هذا التعميم، فإن عدداً قليلاً من المصارف بدأ بتنفيذ التعميم الرقم ١٤٨ المتعلق بالحسابات ما دون 3000 دولار أو 5 ملايين ليرة، والذي يقضي بإتاحة المجال أمام المودع سحب وديعته على أساس سعر ٢٦٠٠ ليرة للدولار (في حالة الوديعة بالليرة تحول إلى الدولار على السعر الرسمي ثم تسحب بالليرة على أساس سعر السوق). لكن المشكلة الأكبر التي واجهت التنفيذ كان اعتراض المودعين على اشتراط إغلاق الحساب للاستفادة من التعميم، وهو شرط اعتبره كثر مجحفاً بحقهم، خاصة أولئك الذين يوطنون رواتبهم. ولذلك، تردد أنه يجري البحث في ترك الخيار للمودع في مسألة إقفال الحساب من عدمه، علماً بأن ثمة من يركز على أن هذه الخطوة تقضي على كل الجهود، التي بذلت في السنوات الماضية، لضمّ أكبر عدد ممكن من المقيمين إلى النظام المصرفي. وبالتالي خطوة من قبيل إخراج نحو 1.8 مليون مودع من هذا النظام، تعني العودة إلى الوراء وتفعيل الاقتصاد النقدي مجدداً.