بعيد منتصف الليل، انتهى اليوم الأول من خطة إعادة اللبنانيين من الخارج التي أقرّتها الحكومة اللبنانية لمواجهة كورونا. على وقع الاعتراضات التي انهالت ضد ارتفاع أسعار تذاكر الإجلاء التي فرضتها شركة طيران الشرق الأوسط، وصل 378 لبنانياً تباعاً من السعودية والإمارات ونيجيريا وساحل العاج. طاقم طبي موفد من وزارة الصحة ووفد من الأمن العام سافروا مع طائرات شركة الشرق الأوسط من بيروت نحو البلدان الأربعة. من الرياض، صعد 65 لبنانياً ومن أبو ظبي 78 ومن أبيدجان 114 ومن لاغوس121. رئيس الحكومة حسان دياب كان قد أعلن أنه لا يمكن استيعاب أكثر من 400 مسافر في كل يوم إجلاء، علماً بأن الذين سجلوا أسماءهم في المرحلة الثانية من التسجيل بلغوا 21 الف و202 من جميع الدول. العائدون خضعوا قبل دخولهم إلى الطائرات للتعقيم وتوزيع القفازات والكمامات قبل توزيعهم بشكل متباعد على المقاعد. وكان كل منهم قد سلّم الاستمارات الصحية التي تسلموها من السفارات، بناءً على طلب وزارة الصحة، وتستعرض البيانات الصحية والشخصية ومحل الإقامة لكل عائد.في الشكل، يفترض بالعائدين حيازتهم الشروط التي فرضتها الحكومة للمفاضلة بينهم. الأولوية «لذوي الوضع الاجتماعي الدقيق الذين غادروا لبنان بتأشيرة مؤقتة أو قصيرة الأمد وذوي الوضع الصحي والعمري الدقيق والعائلات». لكن بالنظر إلى جداول الطائرات الأربع، يظهر أن نسبة كبيرة منهم من فئة الشباب. معظم المدرجين في جدول أبيدجان على سبيل المثال، كانوا في زيارة في مقابل نسبة من الأمهات وأطفالهن. مصدر في الجالية أشار لـ«الأخبار» إلى أن غالبية المقيمين عدلوا عن النزول لأسباب عديدة، أولها ارتفاع تذاكر السفر التي منعت الكثيرين من التفكير في الأمر حتى، في حين أن أصحاب الأعمال فضّلوا البقاء وعدم ترك مصالحهم لأجل غير مسمّى». سارت أغلبية الرحلات بحسب البرنامج المعدّ لها باستثناء رحلة نيجيريا التي تأخر إقلاعها أكثر من خمس ساعات. وتباينت المعلومات بشأن السبب. مصادر في الجالية قالت إن السلطات النيجيرية رفضت إعطاء الإذن لطاقم الطائرة بالخروج منها، فيما قالت مصادر أخرى إن سبب التأخير شجار بين اللبنانيين على خلفية ادّعاء البعض «حصول وساطات سمحت لمن لا تتوافر فيه شروط الأولوية بالسفر». لكن القنصل اللبناني في نيجيريا الياس نقولا حضر إلى المطار وتواصل مع السلطات قبل أن تستكمل إجراءات صعود الركاب.
كثيرون عدلوا عن المجيء بسبب غلاء اسعار التذاكر


قبل عودة المغتربين، استنفرت الحكومة في المطار. دياب تفقد برفقة وزير الصحة حمد حسن ووزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي الإجراءات المتخذة لاستقبال العائدين. وشملت إجراء فحص الـPCR لمن لم يتمكن من إجرائه في الدولة التي عاد منها، قبل نقله إلى أماكن الحجر التي خصّصتها الحكومة بانتظار صدور النتائج. ومساء، أعلن حسن أن فحوص العائدين من رحلة الرياض جاءت سلبية. مصدر في الوزارة أوضح لـ«الأخبار» أن «الذين ظهرت نتائج فحوصاتهم سلبية، ينبغي أن يعيدوا الفحوصات بعد 48 ساعة. وحتى لو كانت نتيجة فحوصاتهم سلبية مرتين، فإنهم ملزمون بالبقاء في الحجر لأسبوعين. وبعد الفحص الأول، هم مخيّرون بين البقاء في الفندق على نفقتهم، أو التوجه إلى الحجر المنزلي».
من المطار، خصّصت حافلات لنقل المسافرين إلى الفنادق التي اختيرت كأماكن للحجر. تسعة أشخاص في كل حافلة وصلوا إلى سلسلة فنادق «لانكستر» التابعة لرجل الأعمال وسام عاشور. مصدر مطّلع قال إن رئاسة الحكومة استأجرت أربعة فنادق في بيروت وواحد في الحازمية «التزاماً بتوصية وزارة الصحة لحصر العائدين في بيروت الكبرى، حتى التأكد من وضعهم الصحي». 700 غرفة حجزت في الفنادق الخمسة، على أن تكون الليلة الاولى من ضمن المبلغ الذي دفعه العائدون ثمن تذكرة السفر للميدل إيست.
اعتماد فنادق عاشور أثار تساؤلات عديدة عن سبب قرار الحكومة حصر المنفعة بشخص واحد، بدلاً من توزيعها على فنادق متنوعة للمساهمة في تشغيلها في ظل تراجع أعمال القطاع الفندقي. فكيف إذا كان ذلك الشخص المستفيد، صاحب فندق «إيدن باي» المخالف للقانون والمتعدي على الأملاك البحرية والمتسبب في فيضان «مجارير» العاصمة العام الماضي؟ مصادر حكومية ترد بأن عاشور «تقدّم بـ«عرض جيّد» لـ«الميدل إيست» التي نقلته إلى رئاسة الحكومة، وجرى اعتماده لسببين: الرقم المتدني لأسعار الغرف، ووجود عدد كبير من الغرف في كل فندق، ما يسهّل مراقبة العائدين لجهة التزامهم بشروط الحجر». ولفتت المصادر إلى أن أصحاب فنادق كبرى رفضوا استئجار منشآتهم لكي لا تقترن أسماؤها بفيروس كورونا، فيما تقدّم فندق في الضاحية الجنوبية بعرض لاستخدامه للعائدين، إلا ان «أسباباً سياسية وطائفية حالت دون اعتماده».
بعد انقضاء اليوم الأول من الإجلاء، تتجه الأنظار نحو باقي الجاليات. مصادر مواكبة قالت إن الجدول التالي من الرحلات سيكون غداً من مدريد وباريس وكينشاسا. وصدرت بيانات عديدة من الجاليات حول العالم تناشد الحكومة الإسراع في إجلائهم وخفض أسعار تذاكر السفر. ورغم أن الـ«ميدل إيست» متمسّكة بجدول الأسعار الذي فرضته، أعلنت أمس في بيان لها خصم 50 في المئة من سعر التذاكر للطلاب العالقين في الدول الموبوءة «غير القادرين على تسديد ثمن بطاقات السفر بالتنسيق مع السفراء المعتمدين في الخارج وبناءً على توجيهات رئيس الحكومة».
على صعيد متصل، لم تقتصر حركة المطار أمس، وفي الأيام الماضية، على رحلات الإجلاء الرسمي. رئاسة المطار أعطت الإذن أمس بهبوط طائرتين خاصتين من السعودية والغابون. وأعلن عدد من رجال الأعمال في بعض الجاليات استعدادهم لاستئجار طائرات خاصة تعيد اللبنانيين بكلفة أقل، ولا سيما من الدول التي لا تصلها الـ«ميدل إيست».