تعليقاً على فكرة وردت في مقال للكاتب الشاعر زكريا محمد بعنوان «الفرق بين اليهود وبني اسرائيل في القرآن» («الأخبار»، 10 آب 2019) امل منكم شاكرة نشر الرد التالي:بداية، كل التقدير والاحترام للكاتب صاحب المقال، ولكن فليسمح لي بتسجيل ملاحظة هامة حول شكوك اوردها في سياق عرضه للفرق بين اليهود وبني اسرائيل في القرآن. يقول انه «في مواضع نادرة جداً في القرآن يتشوّش الفصل بين اليهود وبني اسرائيل، مثل هذه الآيات: إن هذا القرآن يقصّ علي بني اسرائيل اكثر الذي فيه يختلفون، وانه لهدى ورحمة للمؤمنين. ان ربك ليقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم» (النمل، 76 – 78). واذ يعتبر في سياق عرضه ان بني اسرائيل قومٌ غابرون، يتساءل «كيف يستطيع القرآن ان يقصّ القرآن على قوم غبروا؟ بذا فمن المحتمل ان الآية في الأصل تقول: يقصّ عن بني اسرائيل لا يقصّ على بني اسرائيل.
وبالاستناد الى الاحتمال الذي اورده، فالملاحظة هي:
لقد اشار علماء اللغة العربية في معرض شرحهم لمعاني حروف الجر، إلى ان حرف الجر «على» يُستعمل بمعنى «عن»، والعكس أيضاً، والامثلة كثيرة في شعر العرب وفي القرآن الكريم. وقد أورد شارح ألفية ابن مالك (هو بهاء الدين عبدالله بن عقيل الهمذاني المصري) العديد من الأمثلة على ذلك، ومنها البيت التالي:
إذا رضيت علي بنو قشير
لعمر الله أعجبني رضاها
اي اذا رضيت عني، فالفعل رضي يتعدى بـ «عن» كما في قوله تعالى «رضي الله عنهم ورضوا عنه». هذا وقد ذهبت هذا المذهب جمهرة مفسري الآيات الكريمة، فالشيخ محمد علي الصابوني في «القرآن الكريم وبهامشه درّة التفسير»، فسّر هذه الآية بعينها يقصّ على بني اسرائيل أي «يخبر عن بني اسرائيل» ما حرّفوه في كتبهم السماوية (التوراة والانجيل).
إذاً ليس في الامر تصحيف كون الفعل «قصّ» يتعدى بـ«على». فإن العرب تحمل الشيء على ضدّه كما تحمله على نظيره. فنظيرُ «قصّ» هو «أخبر» الذي يتعدّى بـ«عن».
ديانا الخطيب