نتابع، بقلق شديد، خطة وزارة البيئة اللبنانية لإستعمال الكسارة في الجية كمطمر للنفايات، بخاصة أننا لا نرى عملا جدياً وسريعاً لتجنيب المنطقة ما قد يشكل الضربة القاضية لبيئة تعاني من تلوث شديد ومجتمع يحاول بصعوبة لمّ شمل ما مزقته حروب وتهجير لم ولن ينتهي.الجيّة بعاصير وضهر المغارة، ثلاث ضيع تعاني المآسي منذ الحرب وما قبلها. أضف إليها برجا التي تدفع من صحة أبنائها فاتورة تلوث إستمر طويلا وجور سببته الدولة بظلمها ورجال مال وسلطة بجشعهم وأنانيتهم. هذه المنطقة التي قد تكون الأجمل على الساحل الجنوبي القريب من بيروت، تغرق بالتلوث برا وبحرا، جوا وجوفا. فشركة الكهرباء بدواخينها وبواخرها كفيلة بزرع السرطان والأمراض في الجوار كله. ناهيك عن الأتوستراد الذي لا يقل خطرا بسموم سياراته والضجة التي لا تهدأ ليلا نهارا. الكسارة بغبارها وجرافاتها قتلت واديا كان قطعة من الجنة بمائه وأشجاره. الجية مصب مجارير الإقليم بلا تكرير أو معالجة. وبحرها أصبح جورة وسخ ومصدر أمراض مدمر لإستثمارات كبيرة على شواطئه. وحدث ولا حرج عن المياه الجوفية.
لقد أصبحت هذه المنطقة بؤرة تلوث قد لا يكون لها مثيل على المتوسط. وبدل أن تسعى الدولة لمعالجة الوضع الحالي فإنها، بمكب النفايات هذا، تحولها الى جحيم لا يطاق، وبيئة لا تصلح للحياة. فهل المطلوب التضحية بأهل هذه المنطقة ليحيا...
لقد عمل أبناء الجيّة، ومنهم المغتربون، على إعادة بناء بيوتهم وكنائسهم. وكلفهم ذلك ما يزيد عن 10,000,000 دولار في غضون الـ 15 سنة الأخيرة. حوالي 500 عائلة تزور الجية سنويا. والهدف من ذلك تعريف أبناء الأجيال الجديدة على ضيعتهم الأم وجذورهم وتراثهم. لذلك، فإن فتح مكبّ في هذه المنطقة، يشكل رسالة لأبنائنا في أستراليا بألا تعودوا أو تستثمروا في رزقكم وأرضكم. وهذا ما نرفضه.
نطلب من كل صاحب ضمير، وقد ندروا، ومن كل مسؤول، بخاصة في منطقتنا، أن يعملوا بسرعة كبيرة وفعالية أكبر لتجنيب المنطقة كارثة قادمة. وضع قرانا، مؤسساتنا، أهلنا ومجتمعنا يحتاج الى نضال. نحن لا نتحمل في هذه المرحلة بالتحديد مسؤولين غير مسؤولين، أقل ما قد يقال عنهم إنهم متخاذلون يتاجرون بأهلهم وأخوتهم. لن نرحم ولن يرحم التاريخ من يبيعوننا كلاما ويذبحوننا بأفعالهم.
حليم القزي
رئيس جمعية الجية الخيرية في أستراليا