بعد انكشاف فضيحة بيع الشهادات المزوّرة لمدنيين وعسكريين، في تموز 2018 واستمرار التحقيقات الأمنية والقضائية مع موظفين في وزارة التربية، دخل ملف الجامعات الخاصة وفروعها مرحلة جديدة من التنظيم والمتابعة والتدقيق، أو هذا ما يؤكده عضو مجلس التعليم العالي، عبد الحسن الحسيني الذي يعد «بعمل جدي يحقق جودة أكبر للتعليم العالي». الحسيني حدد ثلاثة مستويات من المسؤوليات في هذا الملف: «الأول على الدولة التي غيّبت المحاسبة للجامعات في المرحلة الماضية، فتُرك الحبل لها على الغارب طمعاً بالتسويات اللاحقة على غرار أي ملف آخر كالكسارات مثلاً»! والثاني على «جامعات جشعة تتوسع في المناطق على أيدي رجال أعمال لأهداف ربحية وتحت غطاء سياسي، فيما تكون أساساً متعثرة في المركز». فيما الكلام عن «الذهاب إلى الطالب وتخفيف أعباء الانتقال»، بحسب الحسيني، «حجة مردودة، لأن الجامعة في هذه الحالة تفقد هدفها الذي يدل عليه اسمها. وليست هناك دولة في العالم تفتح جامعة في كل ضيعة». رغم ذلك، «لا مانع من إنشاء جامعات في المناطق شرط أن تكون متخصصة أو أن تكون لها هوية جامعية كما في كل دول العالم».المستوى الثالث من المسؤولية يتحمّله «أولياء الأمور الذين لا يدققون في واقع الجامعة أو الفرع الذي يختارونه، ومنهم من يشجع أبناءه على استسهال الحصول على الشهادة الجامعية. ولذلك مردودان سلبيان: شهادة بلا قيمة تعليمية ومزاحمة طالب جدي في سوق العمل». ويلفت الحسيني إلى أنّ «نحو 40% من الطلاب دون المستوى المطلوب للانتساب للجامعات. وهؤلاء يختارون في الغالب الفروع غير المرخصة التي لا شروط مشدّدة لديها للانتساب».
نحو 40% من الطلاب دون المستوى المطلوب للانتساب للجامعات يختارون الفروع غير المرخصة


يبدو الحسيني جذرياً في نظرته الى الفروع الجغرافية إذ «المطلوب إقفالها جميعاً. ومن ثم الطلب إليها تقديم ملفات جديدة للترخيص لدرسها وفق الآلية المعتمدة، والتأكد من امكاناتها الإدارية والمالية، والأهم إمكاناتها الأكاديمية»، لافتاً الى أن كل الفروع «مشكوك في قدراتها الأكاديمية، وهو ما يفسّر كيف أن هذه الفروع تختار الاختصاصات المتجانسة نفسها، التي لا تحتاج الى كادر تعليمي عالي المستوى ومختبرات وتجهيزات مكلفة، مثل علوم الكومبيوتر أو إدارة الأعمال». ناهيك عن أنه «ليس منطقياً أن يكون للجامعة 4 فروع في المناطق».
يشير الحسيني إلى ثغرة في القانون 285 الذي أجاز لشخص معنوي بالحصول على الرخصة، «فجرى استغلال هذه النقطة. وبات المقتدرون مادياً من شركات تجارية وعائلات يستخدمون اسم الجامعة المركز لقاء أموال تدفع على كل طالب، او على كل راس». ويشكك بجدية الإنذارات والتبليغات لفروع الجامعات والمراجع الأمنية والقضائية في المرحلة الماضية، لافتاً إلى أن المرحلة المقبلة «ستشهد تدقيقاً في آليات التسجيل والمقارنة بين اسماء المسجلين في السنة الأولى والمتخرجين. كما ستجري مراسلة السفارات لمعرفة ما إذا كانت للجامعة صلة بها، أم أن تسميات كالأميركية والألمانية والكندية لا تتجاوز التسويق التجاري وانتحال الصفة»، معرباً عن الأسف «أن يكون عمل مجلس التعليم العالي مقتصراً على التدقيق في واقع الجامعات والفروع ومدى استيفائها للشروط القانونية، فيما مجالس التعليم العالي في العالم تقود نهضة الدول وتضع الرؤية الاقتصادية لبلادها».