استعاد نهر الليطاني ناسه. نهاية الأسبوع الماضي، لم يكن في مقاهي وادي الزرارية - طيرفلسيه مكان لـ«مغزّ إبرة»، بعدما ملأ الرواد والسابحون منتزهات المنطقة، على عكس ما جرت عليه العادة في السنوات الماضية في النهر الذي تحوّل الى «مجرور» كبير، ما دفع قاصدي المنتزهات السياحية الى الاكتفاء بالجلوس على ضفافه من دون الاقتراب من مياهه. فيما لجأ أصحاب بعض المنتزهات، تلبية لرغبات الزبائن، إلى حفر «بيسينات»، وملئها بمياه الـ«سيتيرنات». «حركة الرواد كبيرة والموسم من أفضل المواسم التي مرت عليّ منذ إنشاء الإستراحة عام 1987»، يقول صاحب منتزه «عناقيد الفرح» في سير الغربية علي بكري، «ففي السنوات الماضية، كان كثيرون يتجنبون المجيء إلى المنتزهات بسبب التلوث» الذي كان «يسبّب لنا طفرة جلدية بمجرد غسل أيدينا في الماء. فيما هذا العام سبحنا في النهر من دون ظهور أي مضاعفات صحية»، بحسب ريما كمال.لكن هل عاد الليطاني نظيفاً وصالحاً للسباحة؟
«من يرد أن يسبح فليفعل... لكن على مسؤوليته الخاصة»، يجيب رئيس المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية. يؤكد تحسّن نوعية المياه بأشواط، ولكن «المنظومة الكاملة لضبط مصادر التلوث لم تنجز بعد، لذا لا يمكننا الجزم بأن النهر نظيف. وأساساً، يستحيل الجزم بنظافته في كل مواقعه». تحسّن نوعية المياه، يعزوه علوية إلى «وفرة المتساقطات هذا العام وإزالة غالبية السدود والجسور المخالفة والتعديات عن مشروعي ري القاسمية ورأس العين، ووقف عمل المرامل في جبل الريحان ومنع غسل الرمول». لكن لا تزال للتلوث عناوين في الحوض الأدنى «تجعل المياه غير آمنة صحياً». وأبرزها «استمرار تدفق الصرف الصحي نحو بعض المواقع كالدلافة والخردلي وبدياس وطيرفلسيه وبرج رحال والقاسمية والقليعة وكفركلا وسير الغربية، إلى جانب توافر عدد كبير من الحفر لتجميع مياه الجور الصحية من بعض المنتزهات والأملاك الخاصة ضمن الحوض أو مباشرة نحو النهر». ولفت الى «تفريغ لشاحنات الصرف الصحي في منطقة طيرفلسيه وعين ابو عبد الله في القاسمية، وانتشار مكبات نفايات في كفرصير وسير الغربية، إضافة إلى ما تلقيه بعض المنتزهات من نفايات في النهر في ظل ضعف البلديات وتواطؤ بعضها مع ملوثين وغياب اتحادات البلديات عن الهم البيئي». أضف الى ذلك، «تفريغ مياه أحواض السباحة في بعض المنتزهات في النهر، وهي مياه مشبعة بمادة الكلور التي تضر بالنظام الإيكولوجي في المجرى وتحدث تفاعلاً كيميائياً يضر بصحة الإنسان».
خلال تموز الفائت، أجرت المصلحة تحاليل لعينات أخذت من مواقع مختلفة في الحوض الأدنى لا سيما الخردلي وقعقعية الجسر والقاسمية. وأظهرت النتائج تبدل نسب التلوث بين موقع وآخر استناداً إلى العناصر الطارئة على المجرى مثل تصريف المياه المبتذلة أو رمي النفايات. نسبة الجراثيم ازدادت بين جسر الخردلي وقعقعية الجسر نتيجة تصريف المياه المبتذلة بين الموقعين. وكذلك بين القعقعية ووادي الزرارية بسبب تصريف المياه المبتذلة بين الموقعين. لكن نقطة التلوث الأكبر في الحوض الأدنى عند نقطة القاسمية حيث المياه ملوثة بشكل لا يسمح باستخدام المياه بأي شكل بسبب تصريف المياه المبتذلة من برج رحال باتجاه النهر وعدم السيطرة التامة على الجور الصحية في المنتزهات.

الحوض الأدنى
يمتد الحوض الحوض الأدنى لليطاني من جنوب سد القرعون حتى مصب القاسمية بطول 90 كيلومتراً. وهو يمرّ في 132 بلدة، ويتغذى من عشرة ينابيع من عين الزرقاء حتى عين أبو عبدالله بعد انقطاع المياه من الحوض الأعلى عبر بحيرة القرعون. وعند السهل الساحلي، تمتد قناتا مياه القاسمية ورأس العين التي أنشئت لري أكثر من 4 آلاف هكتار من البساتين بطول 55 كيلومتراً من الغازية إلى المنصوري. قناة رأس العين تستمد مياهها من الينابيع المغذية لبرك رأس العين، فيما تستمد قناة القاسمية مياهها من الليطاني عبر سد الزرارية.