يدرك تيار المستقبل في عكار أنه لم يعد وحيداً. حتى سماء المحافظة التي شبعت من تفرده بها، لم تعد زرقاء صافية. المشهد السياسي بعد السادس من أيار، ليس كما قبله على الإطلاق. الأحادية الحريرية سقطت مع فوز نائبي تكتل لبنان القوي أسعد درغام عن المقعد الأرثوذكسي ومصطفى علي حسين عن المقعد العلوي. المقعد الثالث الذي خسره تيار المستقبل من أصل سبعة مقاعد نيابية هو المقعد الذي يحتله نائب القوات اللبنانية وهبي قاطيشا، شبه الغائب عن المنطقة، والذي لا ينسق مع زملائه المستقبليين.وبسرعة قياسية، تمكن النائب العوني أسعد درغام، من فتح الملف الإنمائي، بداية من عند تأكيده أنه سيقوم بإنشاء مستشفى عسكري في عكار، وصولاً إلى فتح أبواب مكتبه أمام مراجعات المواطنين المتعطشين للخدمات، وذلك طيلة أيام الأسبوع. هذا المشهد لم يعتده تيار المستقبل في عكار، منذ عام 2005 حتى الآن. كان التيار الأزرق يتصرف على أساس أن محافظة عكار عبارة عن محمية مستقبلية.
حاول نواب المستقبل إظهار صورة جميلة عبر تعاونهم وتكاتفهم مع زملائهم من بقية الكتل، وهم وجهوا الدعوة إلى اجتماعات تنسيقية لمتابعة المشاريع الإنمائية المقرة للمحافظة. فجأة يفتح أسعد درغام ملف فرع الجامعة اللبنانية في عكار. كان قد تم التوقيع على بروتوكول بين وزارتي التربية والزراعة والجامعة اللبنانية عام 2011، ينص على تخصيص 62 ألف متر مربع لبناء فرع الجامعة اللبنانية في تل الزراعة في العبدة. المفاجأة أن درغام طالب بنقل الفرع إلى منطقة وسطية في نهر الأسطوان، يسهل الوصول إليها من مختلف البلدات العكارية بعيداً من زحمة السير. استند درغام في طرحه إلى أن وزارة الزراعة تطالب باسترداد المكان الذي كان من المفترض أن يتم فيه بناء مشروع الجامعة اللبنانية في السابق (العبدة)، وبالتالي، سيعود هذا الموقع حكماً إلى وزارة الزراعة التي تطالب باسترداد الأرض وتعتبر أن البروتوكول غير مُلزم، خصوصاً بعد مضي سبع سنوات من دون تنفيذ المشروع الذي كان مقدراً له أن ينجز خلال خمس سنوات في العبدة.
ديوانية مستقبلية أسبوعية في عكار لاستقبال المراجعات


النائب العوني سارع لمواجهة نواب المستقبل، عند أول الطريق، واشتعلت الحرب الباردة بين الطرفين، لكن ما لبثت أن خرجت إلى العلن خلال اجتماع النواب واتحادات البلديات في جبل أكروم، حيث اتفق المجتمعون على بيان ختامي لا يلحظ موضوع فرع الجامعة، قبل أن ينقلب النائب وليد البعريني على الاتفاق بإضافة فقرة إليه بعد انفراط عقد الاجتماع، تضمنت دعوة للإسراع في افتتاح فرع الجامعة اللبنانية في عكار (العبدة)، فأحرج بذلك زملاءه في الكتلة واتحاد بلديات أكروم، خصوصاً أن التوصيات المتفق عليها لم تأت على ذكر الجامعة.
وخلال الاجتماع، بدا لافتاً للانتباه تمسك درغام بمطالبته بتشكيل لجنة مختصة لإعداد الدراسات واختيار الموقع المناسب للجامعة، على أن تكون برئاسة الرئيس سعد الحريري، فكان جواب البعريني بأننا لا نفهم بالدراسات واللجان، وأنا لا يمكنني ضبط الشارع. هذا الكلام رد عليه درغام بأننا لا نخاف ولم نخف حتى في ظل الوجود السوري في لبنان، وعلى الجميع أن يدرك أن عكار ليست حكراً على أحد.
استرخاء نواب عكار وجهل بعضهم بملفات عكار الإنمائية، يعيد تسليط الضوء على دور الوزير في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي الذي شكل خروجه من الحلقة النيابية الزرقاء نقطة ضعف لتيار المستقبل، خصوصاً أن المرعبي لا تربطه اليوم علاقات جيدة مع أي من نواب المستقبل في عكار (هادي حبيش، وليد البعريني، طارق المرعبي، ومحمد سليمان)، لا بل كان قد اتخذ موقفاً سلبياً من خيارات الرئيس الحريري خلال فترة الانتخابات، وهو قرر أن يقف موقف المتفرج إزاء ما يجري. كان له موقف يتيم كتبه على صفحته على الفايسبوك، وقال فيه: «قبل سنتين متل اليوم، تحرك العكاريون لأجل الجامعة اللبنانية، لكنهم اليوم مع الأسف... نايمين».
أمام هذا الواقع، استشعرت الأمانة العامة لتيار المستقبل بخطر الحضور العوني المتزايد في عكار، لذلك، أصدر رئيس المستقبل سعد الحريري، بياناً يؤكد فيه أنه «حرصاً على متابعة قضايا وشؤون محافظة عكار، فقد صدر قرار عن الأمانة العامة بتحديد موعد نهار السبت من كل أسبوع اعتباراً من تاريخ 18/8/2018، ابتداء من الساعة 11 صباحاً وحتى الواحدة والنصف ظهراً لاستقبال طلبات ومراجعات أهلنا في عكار في مركز المنسقية بحضور النواب وأعضاء المكتب السياسي»، مع الإشارة إلى أن يوم السبت هو اليوم نفسه الذي حدده النائب أسعد درغام منذ شهرين للقاء المواطنين والاستماع إليهم!



«حراك الرأي العام»: درغام وكيل دفاع على عكار أو عنها
أصدر «حراك الرأي العام»، بياناً بعنوان «الجامعة اللبنانية حق لعكار»، تضمّن إنتقاداً مبطنا للنائب درغام، فإعتبر أن «أحد النواب العكاريين يسعى جاهدا لنقل المجمع الجامعي من المكان المحدد (العبدة ــــ المشتل الزراعي)، إذ جاء يزف لنا بشرى بأن وزارة الزراعة ستستعيد ملكيتها للأرض، وكأنه وكيل دفاع على عكار لا لعكار ولحقوق أبنائها، فهل هو نائب لنا أم علينا؟»، وأضاف البيان: «كان حريا بسعادته أن يضغط على وزارة الزراعة التي لم تستخدم يوما الأرض التي تملكها في عكار، إن كان ما تبقى لها من أراض في جوار الموقع المتنازل عنه بجانب المجمع الجامعي او أماكن أخرى إن وجدت، ويفرض عليها أن تستثمر وتكون فاعله فيها، لا أن يهلل فرحا بأن الوزارة ستسترد الأرض وبأن هذا منصوص عليه في البروتوكول».