أعلن وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، أمس، الاستغناء عن أكثر من 300 موظف كانوا يعملون في برنامج «دعم الأُسر الأكثر فقراً في لبنان» الذي انطلق عام 2011. ذريعة الصرف «انتفاخ» أعداد العاملين في البرنامج في السنوات المُنصرمة بشكل فاق ضعف العدد الملحوظ في البرنامج، والذي كان مُحدداً بنحو 250 إلى 300 موظف، «ليصل الى نحو 700 موظف».
وأوضح بو عاصي في مؤتمر صحافي في مبنى الوزارة أن عدد العاملين في البرنامج سيُخفّض «إلى النصف»، مُشيراً الى أن الوزارة لم تعد تتحمّل كلفة رواتب هؤلاء، وأن «الأُسر التي تعيش في فقر مُدقع أولى منهم».
ولكن، أليست الزبائنية التي اعتمدها الوزراء السابقون وراء «الانتفاخ» الذي جعل من نحو 300 موظف ضحايا جدداً من ضحايا آليات التوظيف المُعتمدة في الوزارات والمؤسسات العامة والقائمة على شراء الولاءات السياسية؟ سألت «الأخبار»، فأجاب الوزير: «لا أُريد أن أتّهم أحداً من الوزراء، ولا أُريد كذلك أن أُبرّئ أحداً. أعرف أن هذا البرنامج يحتاج الى 300 موظف كحدّ أقصى، لكنني أجد أمامي نحو 700 موظف».

بو عاصي: 60 ألف
أسرة غير مستحقة تستفيد من البرنامج!

وفي اتصال مع «الأخبار»، رأى وزير الشؤون الاجتماعية السابق رشيد درباس أن هناك اختلافاً في السياسات المتبعة، «ذلك أن مفهوم العمل الاجتماعي قائم على توزيع المكاتب الاجتماعية في مختلف المناطق اللبنانية التي تتطلّب موظفين»، نافياً أن يكون قد وظّف أحداً لدوافع شخصية. وعن «الانتفاخ» في عدد الموظفين، قال درباس: «أنا فخور بتضخّم أعداد الموظفين».
خُطوة بو عاصي تأتي بعد إعلانه في 24 نيسان الفائت الاستغناء عن نحو 370 موظفاً كانوا يعملون في «البرنامج الوطني لرصد التحرّكات السكانية الطارئة»، بحجة «الحفاظ على المال العام» أيضاً. ووُصفت خطوة الوزير حينها بأنها «كيدية سياسية» وتحقيق لمصالح حزبية.
وقد نفى وزير الشؤون الاجتماعية، أمس، أن يكون لخطوته الجديدة أيّ بُعد يخرج عن «مصلحة البرنامج الذي يستهدف نحو 44 ألف أُسرة فقيرة في لبنان»، لافتاً الى أن جهوده تصبّ حالياً على ضمان استكمال المشروع. وأشار الى أن الوزارة اعتمدت معايير عدة في انتقاء الموظفين الذين تم الاستغناء عنهم تتضمّن الأقدمية والخبرة والإنتاجية وحيازة الشهادات والمناطق التي يعملون ضمنها، فضلاً عن «المعيار الأهم»، وهو في حال كان العامل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفيما ركّز بو عاصي على حرصه على المال العام، لفت رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمّال والمستخدمين كاسترو عبدالله الى أن معالجة نفاد الأموال المخصصة للبرنامج تستدعي فتح تحقيقات حول أسباب الهدر المالي الحاصل. وأشار إلى أن الوزارة «تمتلك الكثير من البرامج التي تحتاج دائماً إلى موظفين، وبالتالي كان من الممكن أن ينتقل المصروفون الى برامج أُخرى». وشدّد على أن الموظفين «لا ينبغي أن يدفعوا ثمن الزبائنية السياسية. من يرد تأمين أموال الأسر الفقيرة عليه أن لا يُفقّر العاملين الآخرين، وأن يُحيل مرتكبي الهدر الى الهيئات الرقابية المعنية»، مُدرجاً خُطوة الوزير في «السياق الانتخابي الذي يضمن فيه مصلحة المُناصرين على حساب الآخرين».
وكان «برنامج دعم الأسر الفقيرة» قد أُطلق منذ سبع سنوات، مُستهدفاً الأسر الأكثر فقراً، التي لا يتعدّى دخلها اليومي خمسة دولارات (المعيار الذي انتهجته الوزارة). وبحسب بو عاصي، تبلغ نسبة الأُسر الأكثر فقراً نحو 8% من مجمل الأُسر اللبنانية. ويقوم المشروع على إعطاء 10 آلاف أُسرة لبنانية بطاقات غذائية، فيما تستفيد 34 ألف أسرة من خدمات الاستشفاء والتعليم الرسمي. وكان لافتاً ما أشار اليه بو عاصي عن «انتفاخ» أعداد الأُسر المُستفيدة الى نحو 104 آلاف أسرة بسبب توزيع بطاقات المساعدات بشكل عشوائي. وأكد أنّ الوزارة عمدت مؤخراً إلى خفض العدد الى 44 ألف أُسرة.