في 27 من الشهر الجاري، يقدّم «مسرح بابل» عرض «أمتعة» من إخراج الشابة هنا شمعون التي لا تزال على مقاعد الدراسة الجامعية. العرض الذي كان جزءاً من مشروع جامعي (الجامعة اللبنانية الأميركية)، هو مبادرة من عائلات لبنان لدعم عائلات فلسطين ومساندتها، إذ يعود ريعه لقسم العلاج النفسي في «مستشفى العودة» في غزة.

هذا العرض من تأليف المسرحي فاتح عزام الذي بدأ مسيرته في المسرح والإيماء والرقص في الولايات المتحدة والقدس، حيث تولى إدارة «مركز مسرح الحكواتي» الذي يعرف اليوم بالمسرح الوطني الفلسطيني. إلا أنّ عزام حوّل اهتمامه في ما بعد نحو العمل لمؤسسات تعنى بحقوق الإنسان، من دون أن ينسى كلياً خشبة المسرح، فكتب لها «أنصار» و»أمتعة». العرض الأخير أُنتج في: سان فرانسيسكو، بوسطن، القاهرة، «مهرجان أدنبرة» في اسكوتلندا وقبرص، وها هو يزور «خشبة بابل» في بيروت.
حين قررت هنا شمعون الاشتغال على النص، كانت تبحث عن عمل مونودرامي معاصر يتمحور حول فلسطين، فوقع اختيارها على نص عزام الذي يتحدث عن رجل وأمتعته في المطارات، لكنها اقتبسته ليتحول الى «امرأة فلسطينية محاصرة في مطار، مثقلة بأمتعتها الفعلية أو المجازية».
امرأة فلسطينية وعدد من شنط السفر القديمة متفاوتة الأحجام والألوان. تقف في فضاء أسود وتسمع إعلانات متعددة شبيهة بتلك التي نسمعها في المطارات ويطلب جميعها أن يبقى المسافر قرب أمتعته. هكذا يبدأ العرض الذي يختزل في كل تلك الحقائب تاريخ المعاناة الفلسطينية منذ عام ١٩٤٨ ويوظف وجودها لمستقبل لا نعرفه بعد. في كل حقيبة، حكاية. أم أحمد. أم جميل. البرتقالة التي تفجرت ولكن بقي جزء منها معلقاً على الشجرة. النص الذي عملت عليه هنا، عبارة عن مونولوجات تتوخى العاطفة والترميز في معالجة مباشرة لبعض تفاصيل القضية الفلسطينية من وجهة نظر الطفلة التي تحمل ثقل القضية منذ صغرها الى أن تصبح شابة فتتحول الى فدائية، وصولاً الى الحب. مراحل ثلاث مليئة بالتساؤلات: هل تكمن المقاومة وحدها في السلاح؟ ماذا عن المقاومة عبر الفكر والعلم؟ ماذا عن المقاومة من خلال «الندية الفكرية» مع العدو؟ هل الحب ممكن في ظل كل هذا الماضي الثقيل؟ تساؤلات تبعد المعالجة عن شعارات «بروباغندية» ولكنها تسقط أحياناً في عاطفة مفرطة رغم شرعية تلك الأسئلة.
من يراقب بعض مشاهد العرض يتنبه لجمالية الإضاءة والسينوغرافيا المسخّرتين لإبراز تفاصيل النص، بالإضافة الى بعض مشاهد الفيديو وخاتمة العرض الجميلة التي تحمل في طياتها هذا المعنى المناقض والمضاد لبداية العرض. ولكن يبقى السؤال الأهم: كيف السبيل الى التخفيف من عواطفنا حين نقدم القضية الفلسطينية على الخشبة؟ وهل ضروري القيام بذلك؟ أسئلة قد نجد إجابةً عنها في 27 من الشهر الجاري.

«أمتعة»: 19:00 مساء السبت 27 كانون الأوّل (ديسمبر) ــ «مسرح بابل» (الحمرا) ـ للاستعلام: 03/489433