على بالي
هنيئاً للشعب اللبناني، لقد عثر مواطنٌ صالحٌ على نهجٍ لتقديم لبنان العون للقضيّة الفلسطينيّة، لكنْ من دون دفع أيّ ثمن ومن دون اللّجوء إلى السلاح. في مقالة في «النهار» (التي نالت استحساناً إسرائيليّاً أخيراً، بعد أسابيع فقط من استيلاء النظام الإماراتي عليها برضى المالكين)، يذمُّ جهاد الزين الخيارَ العسكري في مواجهة إسرائيل، ليس فقط من قِبل لبنان بل أيضاً من قِبل الشعب الفلسطيني. وهو هنا يستشهد بتجربة الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى كأنّها أفضت إلى تحرير الأرض. الطريف في هذه المقولات، أنّ أصحابها يظنّون أنّهم يقدّمون لنا نظريّة جديدة فيها، هم لا يفعلون أكثر من استعارة مقولات شارل حلو وبيار الجميّل. أرجَعنا الزين بقوّة إلى مقولات «قوّة لبنان في ضعفه». لكن إذا كانت الأطروحة ناجحة، فلماذا قادتْنا إلى حروب أهليّة؟ يقول إنّ كلّ الذين عارضوا الخيار العسكري في مواجهة إسرائيل من لبنان كانوا على حق. إذا كان هؤلاء على حقّ، فمن حرّرَ الجنوب اللّبناني من الاحتلال؟ فرقة «ميّاس» أم كليّة الحقوق في الجامعة اليسوعيّة؟ ويستشهد الزين بمقالة له مُطالباً فيها خامنئي بعدم توريط لبنان في حرب. يظنّ الزين أنّ الحزب فتح حرب الإسناد بقرار إيراني، فيما الصحيح أنّ إيران لم تحبّذ القرار. صعبٌ على الزين أن يصدّق أنّ هناك لبنانيّين مستعدون أن يفتدوا فلسطين بدمائهم؟ نصرالله اغتيل بسبب فلسطين، لا لأيّ سبب آخر. لم يكن الثلث المعطّل هو الذي أقلق راحة العدوّ. لكنّ الزين يقدّم اقتراحاً عمليّاً، إذ يقول إنّ لبنان يستطيع أن يساند القضية الفلسطينية عبر سلوك «خيار الدعم المدني الثقافي الإعلامي السياسي للقضيّة الفلسطينيّة، بجامعاته ومدارسه وصحافته وإعلامه». أي، أرجَعنا إلى نظريّات جين شارب، بأنّه ما على شعوبنا المقهورة إلّا النضال بقرع الطناجر وتتحرّر الأرض. ثم يريد من إعلام لبنان أن يساند القضيّة؟ معظم إعلام لبنان مأمور (مثل جريدة «النهار») بخيار التحالف الإبراهيمي مع إسرائيل، وتريد من هذا الإعلام الذي يضخّ مضموناً صهيونيّاً أن يساند فلسطين؟ تتوقّع من إعلام يقدّم إحداثيّات للعدوّ أن يخدم فلسطين؟