على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

أمين الريحاني شخصيّة أدبيّة وسياسية لم تنَل حقّها في التراث اللبناني. والأسباب لذلك عديدة، أحدها أنّ علمانيّة ومبدئيّة الريحاني، وخصوصاً موقفه ضد الانتداب الفرنسي والكنيسة، جعلتا منه شخصية صعبة الهضم. كان المستشرق اليسوعي، لويس شيخو، يعيّره في مجلة «المشرق» باسم محمد أمين الريحاني لأنّه لم يكن معادياً مثله للإسلام والمسلمين (مارون عبّود تعرّض لطائفيّة شيخو). ولا يجب أن ننسى عندما نتحدّث عن فترة الاستعمار الفرنسي أنّ أمين الريحاني أخذ موقفاً مبدئياً ضد الاستعمار، لا بل وقف في صرح بكركي وخاطب البطريرك عريضة مقرِّعاً إيّاه بسبب خنوعه للمستعمر الفرنسي. وردّ البطريرك عليه قائلاً: «ثم إنّي فهمتُ مما ورد في خطابكم من إشارة إلى الأجنبي أنّكم تقصدون الفرنسيّين، بيد أنّ الفرنسيّين كانوا ولا يزالون أصحابنا وقد خدموا لبنان خدمات جليلة ونفعونا نفعاً جزيلاً» («المعرض»، كانون الثاني، 1932). سمعت مقابلة لجوزيف عيساوي مع أمين الريحاني وتحدّث عيساوي فيها عن أن كتاب «النبي» لجبران لا يزال الأكثر مبيعاً. نشرت مجلة «نيويوركر» قبل سنوات مقالة طويلة دحضت فيها الكثير من الأساطير عن لبنان وجبران ومكانته هنا. ليس لجبران المكانة التي يظنها اللبنانيون. وجريدة «النهار» ساهمت في ترويج حظوة جبران. جبران كان كاتباً إنشائيّاً مثل ما كان إحسان عبد القدوس كاتباً محبوباً، لكنّ كتبه ليست بمصاف الأدب العربي. لا تجد جبران مدرجاً في أيّ من برامج الأدب الإنكليزي في كل جامعات ومدارس أميركا. أما السؤال الذي سأله عيساوي عن أن كتاب «النبي» اشتهر أكثر من «كتاب خالد» للريحاني، فهذا صحيح لأنّ الأوّل كان بمتناول العامّة، لأنّه مجموعة خواطر على نسق بطاقات المعايدة «هولمارك». وأمين ألبرت الريحاني على حق في أنّ لغة «كتاب خالد» صعبة: كتب الإنكليزية ببلاغة وأدب رفيع كما أنه لامسَ اللغة الأكاديمية. وأمين الريحاني طرح نفسه كعربي في الغرب، بينما جبران كان يطرح نفسه عربياً أمام العرب، لبنانياً أمام اللبنانيين وسوريّاً أمام السوريّين ومجهول الخلفيّة أمام الغربيين إلا إذا كانت «شرقيّته» تستهويهم.

0 تعليق

التعليقات