على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

الياس سابا نموذج فريد من وزراء لبنان. عاش طوريْن مختلفيْن في حياته السياسيّة المتقطّعة. الطور الأوّل كان في عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجيّة، والطوْر الثاني تجلّى في حلفٍ ثابت مع النزيه الوطني، الرئيس سليم الحصّ. والثبات في التحالف مع الحصّ (بالرغم من الاختلاف في الآراء أحياناً بينهما) يحتاج إلى شجاعة سياسيّة وأخلاقيّة نادرة: أشرف ريفي وخالد قباني ومحمد قباني كانوا من حلفاء الحصّ، لكنهم مثل كثيرين هجروه لأنْ لا منفعة ولا انتفاع ماديّاً في التحالف مع الحصّ. أن تبقى في تحالف مع الحصّ يعني أن تكون مستعدّاً لمواجهة رفيق الحريري ومَن وراءه (النظامان السوري والسعودي). الياس سابا بدأ كمستشار للرئيس فرنجيّة عندما كان الأخير وزيراً للاقتصاد (عمل فرنجيّة وزيراً للاقتصاد في زمنكم الجميل مع أنّه اعترف لميشال أبو جودة في الثمانينيّات بأنّه لا يفقه شيئاً في الاقتصاد). تخرّج سابا من جامعة أوكسفورد وعاد إلى لبنان ومارس التعليم والاستشارات الاقتصاديّة. انتقاه فرنجيّة وزيراً في أوّل وزارة في عهده، أي وزارة الشباب برئاسة صائب سلام. وتولّى سابا وزارتَي الاقتصاد والدفاع في عهد فرنجيّة. وفي هذا الطور من سيرة سابا، حاول أن يُصلح (ليبراليّاً وليس اشتراكيّاً) في الاقتصاد لكنه لم يستطع بسبب ارتباط فرنجيّة بالمصالح التجاريّة والصناعيّة والخدماتيّة العليا. كان مرسوم 1943 في عام 1973 محاولة فشلت لفرض رسوم جمركيّة على بضائع كماليّات (أحزاب اليسار كانت مع اليمين ضد المرسوم). لكنّ سابا كان وزيراً للدفاع عندما عطّلت رئاسة لبنان أسخى عرض تلقّاه الجيش في تاريخه: يوم قرّرت الدول العربيّة دعم لبنان بمبالغ طائلة لشراء شبكة صواريخ متطوّرة لصدّ طائرات العدوّ. الحكم اللبناني عطّل الصفقة رضوخاً للمشيئة الأميركيّة ــ الإسرائيليّة. الوثائق الأميركيّة فضحت ذلك. سابا كان وزيراً للدفاع. في الحقبة الثانية من سيرته، وقف بشجاعة ضد الحريريّة فيما كان خبراء الاقتصاد اللبنانيّون (أوّلهم مروان إسكندر، المحرّض ضد الشيوعيّة) يتنافسون للترويج لرفيق الحريري وسياساته التي أودت بلبنان إلى الانهيار. كتبَ وحاجَجَ ضد الحريريّة وكان وزيراً في عهد النزيه عمر كرامي.

0 تعليق

التعليقات