على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

في لبنان نعيدُ صياغة تراث الكتاب والشعراء. جبران الذي كان منبوذاً من قبل الكنيسة والذي كرّست مجلّة «المشرق» مقالاتٍ في ذمٍّ طائفي له ولأمين الريحاني (وشارك في الذمّ الطائفي فؤاد أفرام البستاني، أوّل رئيس للجامعة اللبنانيّة)، أصبح بعد موته رمزاً كنسيّاً يكاد أن ينضم إلى حزب الكتائب لولا أنّه ماتَ قبل أن يتأسّس الحزب. كل تراث جبران ضد الكنيسة نُسيَ وطمره التراب. الشيء نفسه حدث مع أحمد فارس الشدياق (لا يزال هناك في لبنان مَن يكتب اسم الشدياق من دون أحمد). كل ما كتبه الشدياق في السخرية من الكنيسة والقساوسة طمره التراب، ومعظم نسخ «الساق على الساق» هي نسخ «مُحرّرة» ومهذّبة، لكن الرفيق العزيز، بدر الحاج، أعاد نشر الكتاب كاملاً كما هو. يخطر في بالي في العيش الأميركي ميخائيل نعيمة. عاش نعيمة في أميركا عشرين سنة ودرس فيها وحارب في جيشها في الحرب العالمية الأولى. لكنه خرج من التجربة ناقماً على أميركا كثيراً وكتبَ في جبروتها: «من أنتَ حتى تحكمَ البشرا، كأن في قبضتيكَ الشمس والقمر. هل أنت نور السما؟ أم أنت خالقها، تسيّر الفلكَ والدوارَ والقدرا. أم أن ربّك لاقى فيك سيّده، فعاف من أجلك السلطان وانتحرا». هذا الجانب الجذري من ميخائيل نعيمة مجهولٌ تماماً من دارسي تراثه في المنهج المقرّر. كنا نكتفي في قراءته بـ «سقف بيتي حديد، ركن بيتي حجر». نعيمة بعد أن عاد إلى لبنان لم يزر الولايات المتحدة مع أنّه جال في الاتحاد السوفياتي في صيف 1956. أصدر بعد عودته «أبعد من موسكو وواشنطن»، وقد يكون أقلّ كتبه قراءةً في لبنان. الكتاب من أفضل وأدقّ الكتب الصادرة في لبنان عن الاتحاد السوفياتي والخالية من البروباغندا المدفوعة من أميركا، والتي كان يوسف الخال في «دار النهار» يُواظب على إنتاجها. نعيمة تحدّث عن حرب صليبيّة ضد الشيوعيّة وسخر من إلحاد أعداء الشيوعيّة، لا من إلحاد الشيوعيين. نعيمة لم يرَ الحريّة في أميركا (وقد عاش فيها عشرين سنة) وقال إنّ مسألة الحريّة سيان في المنظومتَيْن.

0 تعليق

التعليقات