على بالي
الاتفاق السعودي-الإيراني (وبرعاية صينيّة كي يزيد من الحنق الأميركي) كان مفاجئاً. لكنّ الاتفاق ليس إلا تمهيداً لعودة العلاقات ولا يتضمّن، على ما أُعلن، توافقاً على مواضيع الخلاف المستعصية. الطرف الإيراني، عبر مؤيّديه، يبالغ في حجم وأهميّة الاتفاق. والطرف السعودي، عبر الجيش الإلكتروني والإعلام، يقلّل من أهميّته، وهو على حق. علي شمخاني في إيران مثّل دوماً فكرة تحسين العلاقات مع السعوديّة، كما كان نايف بن عبد العزيز في السعوديّة يمثّل فكرة تحسين العلاقات مع قطر. والحصار السعودي على قطر في عام 2017 سبقته مصالحة مع قطر. وتزامن الاتفاق في بكين مع خبر في «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال» مفاده أنّ النظام السعودي يفاوض الحكومة الأميركيّة على شروط تطبيعه مع إسرائيل، وأنّه يطالب بحق إنشاء طاقة نوويّة وبتلقّي السلاح المتطوِّر. وكما أنّ النظام الإماراتي تصالح مع النظام السوري بعد—وليس قبل—إعلان تحالفه الصفيق مع الدولة الصهيونيّة، فإن النظام السعودي يحتاج إلى تحسين العلاقة مع إيران قبل إعلان التطبيع مع إسرائيل. ضمنت دولة الإمارات امتناع النظام السوري وإعلامه عن توجيه النقد إلى الإمارات على التطبيع. وآل سعود يأخذون إسلاميّة النظام على محمل الجدّ، فقط من زاوية المشروعيّة السياسيّة. وتحييد إعلام إيران وحلفائها عن ذمّ النظام بعد التطبيع مع إسرائيل حاجة سياسيّة. الخلاف بين إيران والسعودية عميق للغاية، وبات ركناً أساسياً من هويّة النظاميْن السياسيّة. شروط تحقيق المصالحة الحقيقيّة تتطلّب رضوخاً من طرف لآخر، وهذا مستبعد. كانت السعودية قد وضعت 14 شرطاً للمصالحة مع قطر، لكنها عادت ورضخت بالكامل عندما غفرت لقطر. لم تقدّم قطر تنازلاً واحداً باستثناء تخفيف لهجة إعلامها نحو السعوديّة. أميركا ليست سعيدة بإعلان عودة العلاقات. هي تريد تأجيج كل الخلافات التي تؤذي العرب. أميركا وإسرائيل استثمرتا بقوّة في كل الصراعات والنزاعات والخلافات التي نشبت في منطقتنا منذ عام 1948. الفتنة السنيّة-الشيعيّة مشروع أميركي-إسرائيلي وإن نفّذته الحكومة السعوديّة بعد عام 2003 للمساهمة في تقويض حركات مقاومة إسرائيل. قبل أن نحكم على الاتفاق ونتائجه، نترقّب الإعلام. الإعلام السعودي على حاله.