على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

مات جيمس أبو رزق. كان أوّل سناتور أميركي من أصل عربي. لا يستحق هذا «الشرف» التهليل لأنّ الراحل كان أوّل من وعى لمحدوديّة فعل التغيير من داخل الكونغرس. أبو رزق كان من القلّة الذين يرفضون الترشّح لولاية ثانية. تقاعد عام 1979 عن عضويّة مجلس الشيوخ. طبعاً، هو أدرك أنّ اللوبي الإسرائيلي الهائل النفوذ كان أعدّ خطة وأموالاً طائلة لهزيمته. مدير مكتبه، توم داشل، ترشّح فيما بعد وفاز عن ولايات عدّة في مجلس الشيوخ، لا بل أصبح زعيم الكتلة الديموقراطيّة فيه. داشل، على خلاف «أبو رزق»، كان أداة مُطيعة بيد اللوبي الإسرائيلي والمصالح الماليّة الكبيرة. أذكر أنّ أبو رزق أخبرنا مرّة أنّ ثُلث وقت أي سناتور يُخصّص لجمع المال الانتخابي. أصبح خائباً من كلّ التجربة. زار لبنان عام 1974 وتفقّد الأضرار من جراء القصف الإسرائيلي في جنوب لبنان. القصف الإسرائيلي لا يحرّك مشاعر أكثر من نصف لبنان، لكنّه حرّك مشاعر هذا الأميركي من أصل عربي، وكرّس كلّ حياته لمقارعة المصالح الإسرائيليّة في أميركا. أسّس «اللجنة العربيّة ــ الأميركيّة لمكافحة التمييز» عام 1980 وسرعان ما تحوّلت إلى أكبر منظّمة عربيّة في أميركا. قبل عهدنا باللجنة، كان العمل العربي في أميركا محتكراً من قبل رجال أعمال من أصل لبناني وكان جلّ همهم خدمة مصالح شركات النفط والسلاح وأنظمة الخليج (مثل منظمة «التاسك فورس» الحالية). أبو رزق حوّل العمل العربي المنظّم إلى عمل شعبي، وكانت مؤتمرات اللجنة تجذب الناشطين من كل أنحاء أميركا. نسّق أبو رزق العمل العربي العام واستعمل لهجة قويّة غير مُهادنة ضد إسرائيل. لم يكتف أبو رزق بالعمل لصالح القضايا العربيّة بل ناضل من مجلس الشيوخ ومن خارجه من أجل نصرة قضايا السكّان الأصليّين. كان والداه يديران مخزناً في محلّة خاصّة بالسكان الأصليّين ومارس المحاماة بينهم ومن أجلهم. في عام 1990، قتلت أنظمة الخليج العمل العربي المنظّم وخارت قوى اللجنة العربيّة وقطعت السفارات العربيّة التمويل عنها. لم يرث لبنان الرسمي أبو رزق. ربما لأنّه عادى الصهاينة.

0 تعليق

التعليقات