على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

أثارَ سامي كليب في مقابلته مع نجيب ميقاتي مسألة تناقص عدد المسيحيّين في لبنان. هناك بصورة عامّة تناقص في عدد المسيحيّين في العالم العربي، والسبب الرئيسُ في ذلك يعود إلى الحروب والقلاقل التي طبعت منطقتنا العربيّة منذ أن وصل الغرب إلى بلادنا وأقام فيها مستعمرات مباشرة وغير مباشرة. ما يُسمّى بالاستعمار العثماني كان أفضل لكل الطوائف والأديان مما أتى بعد صعود الغرب (يكتب أسامة مقدسي عن ذلك في كتابه الأخير «عصر التعايش»). الغرب أمعنَ في تقسيم واستغلال الفرقة بين العرب، كما أنه مارس سياسة طائفيّة صارخة في التعامل مع المهاجرين العرب. يستطيع المسيحي العربي أن يحصل بسهولة فائقة على اللجوء السياسي تحت خانة أنّهم، كلّهم، يعانون من الاضطهاد وأنّ عودتهم إلى بلادهم محفوفة بالمخاطر (أعرف عن ذلك جيّداً لأنّني كنتُ خبيراً لدى محامي الهجرة في المحاكم وكنتُ أسمع من دعاوى ما يثير العجب العجاب). كما أنّ صعود الحركات الإسلاميّة أقلق، وعن حق، المسيحيّين. نتذكّر كيف كان خطاب «حماس» و«حزب الله» عن المسيحيّين عند صعود الحركتيْن. الشعارات الإسلاميّة لا يمكن أن تثير الارتياح لدى غير المسلمين. بلادنا ليست بلاداً إسلاميّة، وعلى الحركات الإسلاميّة إدراك ذلك ولو تناقص عدد المسيحيّين بيننا. وإسرائيل أمعنت في تهجير المسيحيّين، وكانوا على أرض فلسطين من أبرز وأنشط العرب. أما في لبنان، فإنّ الاستعمار أقام مشروعاً طائفيّاً مسيحيّاً منح حظوة لفئة دون أخرى، تماماً على نسق المشروع الصهيوني في أرض فلسطين. وصعود الدور السياسي للمسلمين على حساب المسيحيّين (نتحدّث عن نخب حاكمة وليس عن جماهير الشعب) يرسم صورة قاتمة عن المستقبل السياسي. إنّ المناصفة في المناصب في الدولة بين المسلمين والمسيحيّين لا تُطمئن وليست ديموقراطيّة أبداً (تفوز بولا يعقوبيان بنحو 3 آلاف صوت فيما يصل عدد أصوات محمد رعد إلى نحو 50 ألفاً)، الطمأنة الحقّة تكون بتوفير ظروف عيش كريمة ومساواة سياسيّة وفرص متكافئة للجميع، لكنّ الغرب لن يدعنا وشأننا. هو يردّ على توافد المهاجرين المسلمين إلى بلاده بجذب المهاجرين المسيحيّين من بلادنا.

0 تعليق

التعليقات