على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

نحن شعب مسالم، حقاً. هذه خاطرة تتناقض مع كل الفرضيّات الاستشراقيّة عنّا، لكن أصرُّ على أنّنا شعب مسالم ولم أتيقّن من ذلك إلا بعد إقامة طويلة وترحال في بلاد الغرب. أسمع بجرائم هنا وأقول لمن حولي: هذه جرائم لا يمكن أن تحدث في بلادنا. يجيبني بعضهم: لكنّ العنف والحروب سمة بلادكم. أقول لهم: سمّوا لي صراعاً في منطقتنا لا تكون إسرائيل أو/ والغرب يؤجّج فيه ويسلّحه ويشعله. تسمع هنا عن رجل يدخل إلى مدرسة ويرمي تلاميذها بالرصاص. لا يمكن أن يحدث هذا في بلادنا. تسمع عن رجل قتل نحو 40 أو 50 ضحيّة. لديهم مصطلح ليس موجوداً عندنا: القاتل المُتسلسِل. شخص يجول في البلاد ويقتل الناس، وبعضهم يضع قطعاً من جثثهم في الثلاجة. متى سمعنا بذلك؟ هناك رجال يغتصبون عشرات النساء. متى تسمع بذلك في بلادنا؟ هنا يقتلُ بعضُهم بعضاً على خلاف بين جيران. تسمع عن رجل يقتل زوجته بعد أن يدسّ السمّ في شرابها ثم يدفنها في حديقة المنزل كي يستفيد من بوليصة تأمين على الحياة. صحيح، هناك لبنانيّون في ديربورن يحرقون محطة محروقات أو منزلاً (غير مسكون) أو سيّارة لقبض بوليصة تأمين على الممتلكات، لكنْ زوجة أو زوج؟ هذا نادر جداً. خذوا حالة لبنان اليوم: هناك أزمة اقتصادية يقول عنها البنك الدولي إنّها من الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. لكن ليس هناك من ملامح عنف في الغضبة الشعبيّة. صحيح أنّ ثوّار لبنان قرعوا الطناجر وصحيح أنّ فوج الطناجر التابع للقائد جورج نادر اقتحم مبنى وزارة الخارجيّة (بعد التأكد من أنّها خالية من الموظفين)، لكن هذا لا يقاس بحرق الشوارع والمخازن الذي تشهده مدن غربيّة. صحيح جرت محاولات اغتيال لكنّها تبقى ـــ بمعيار نسب الجرائم في مدن أميركيّة ـــ نادرة الحدوث، على فظاعتها، والمُرتكب غالباً غير عربي. أفقتُ قبل أيام على خبر «حرق منزل سليم صفير» واكتشفت بعد تسقّط الأخبار أنّ مفرقعة وحريقاً صغيراً أصابا جدران منزل لا يقطنه صفير. فليتعلّم الغرب منّا.

0 تعليق

التعليقات