على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

فجّرت محطة «الجديد» أزمةً جديدة كان لبنان في غنى عنها. برنامج لا يمتّ للكوميديا أو المرح بصلة، أطلقَ سخرية جنسيّة ذكوريّة وبذيئة ضد النساء الجنوبيّات. والتعبير الذي ورد يندرج في ضمن كلام الأزقّة. لكن بولا يعقوبيان، التي تتصنّع النسويّة فقط عندما يكون ذلك سياسياً مؤاتياً لحملاتها الانتخابيّة، خفّفت من الضرر وصنّفت الإهانات الذكوريّة على أنّها مزاح مقبول (كتب فرويد كتاباً عن المزاح، لأنّه أمر جدّي). ومن بديهيات النسويّة عدم القبول بتصنيف الكلام الذكوري السوقي الجنسي المَقيت على أنه مجرّد مزاح. لا، أكثر من ذلك، قالت يعقوبيان إنّ كلام الكوميديّة لم يكن إلا إشارة إلى التزاوج والمعاشرة. هذه كأن يقول أحدهم إنّ شتيمة الأم البذيئة، التي ترد على ألسنة كثير من رجال لبنان وثوّاره، ليست إلا دعوة لحب أمّ الشخص المعني بالشتيمة. محطة «الجديد» تغيّرت كثيراً وانتقلت، برشاقة، من نقيض ممانع مبتذل إلى نقيض تطبيعي خليجي مبتذل. نقلت من قطر إلى السعودية والإمارات مروراً بالقذافي. باعت مواقف المقاومة مقابل إعلانات ترويجيّة للسفارة الأميركيّة. والردود على «الجديد» من قبل مؤيّدي المقاومة كان بعضها لا يقلّ ذكوريّة عن الكلام الوارد في المحطة. وكلام بشرى الخليل عن «الزانيات» هو في سياق الكلام الذكوري السوقي نفسه. وكلام السخرية الكوميديّة لا يندرج فقط في ضمن كلام الكراهية الطائفيّة التي تصبّ ضد أهل الجنوب، بل هو جزء لا يتجزأ من حملة سياسيّة هائلة (تتصل بتل أبيب والرياض والإمارات وواشنطن) ضد مشروع مقاومة إسرائيل. ليست مصادفة أنّ السخرية وردت بعد أيّام فقط من حملة عويل ونحيب ووَا إسلاماه ووَا واشنطناه ــــ وهي حملة شاركت فيها المحطة عينها ــــ عن وفاة الجندي الأيرلندي. صورته ملأت الشاشات والمواقع فيما يموت شهداء في فلسطين كل يوم من دون ذكر اسم واحد منهم. المحطات الثلاث جزء من مشروع التطبيع الإبراهيمي الذي جرف معه عدداً من ساسة وكتّاب الممانعة و8 آذار. إنّه جرف جارف، والذي يصمد لن يكسب إلا جنة... العزّة والحريّة والاستقلاليّة. لكنّ المال، هو في المقلب الآخر.

0 تعليق

التعليقات