على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

هل اغتيل جمال عبد الناصر؟ ليس هناك من دليل أبداً، لكنّني أرجّح أن يكون قد اغتيل. في عهد جون كنيدي، افتُتنَ الرئيس الشاب وأخوه روبرت في وزارة العدل بالاغتيال والعمليّات السريّة. أطلقا العنان للمخابرات الأميركيّة لتُعاقب أعداء أميركا وتقتل وتفجّر بسرية. الرجلان تأثّرا بكتب إيان فليمينغ الذي خلق شخصيّة جيمس بوند. عبد الناصر أزعج حكّام أميركا كثيراً وكانت له سطوة في كل دول العالم النامي. اجترح مصطلحات لا تزال سارية في الخطاب السياسي العربي (ولم تكن معروفة قبلاً): عن الحلّ العادل والشامل وعن العدل الاجتماعي وعن الكبرياء ومحاربة الاستعمار وعن التأميم وعن ثروات العرب وحقّ العرب فيها. هو لم يبالغ عندما شدّدَ في خطاب المنشيّة (بعد محاولة الاغتيال الفاشلة له من قبل الإخوان المسلمين) على مفهوم العزّة والكرامة. هذه مفاهيم لم ينطق أو يشدّد عليها أيّ زعيم عربي قبله أو بعده. عبد الناصر حرّك الجماهير وحرّك أفراداً في الأسر الحاكمة. كم كان تأثيره كبيراً كي يُحفِّز أمراء في آل سعود كي يلتحقوا به (كل رواية طلال بن عبد العزيز عن «الأمراء الأحرار» كانت خيالية لأنّه كان يريد الغفران من أعضاء الأسرة ــــ هو طار بملء إرادته إلى القاهرة وأعطى تصريحات موجودة في الأرشيف). أميركا وإسرائيل والشاه وآل سعود أرادوا أن يتخلّصوا منه. روى محمد حسنين هيكل عن تسميمه بواسطة السادات لكن ليس من دليل. أنا مرّة سألتُ مسؤولاً أميركيّاً سابقاً في وزارة الخارجيّة عن اغتيال عبد الناصر فقال لي: ولو كنتُ أعرف هل أعترف لك بذلك؟ صحيح، هناك أمراض وبعض الناس يموتون في سنّ مبكرة ميتة طبيعيّة، لكنني مرتاب في الأمر. وعبد الناصر حمل هموماً لم يحملها أيّ عربيّ منذ زمن الرسول. كل الأمّة العربيّة (وبعض الإسلاميّة) كانت تعلّق عليه الآمال الكبيرة. هذا عبء ينوء تحته البشر والآلهة (في الأساطير). ثم نحن نعلم عن عدد محاولات الاغتيال التي رتّبتها أميركا ضدّ كاسترو، وعبد الناصر أزعج أميركا أكثر من كاسترو بكثير.

0 تعليق

التعليقات