على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

جاد غصن يساريّ، لكن… يساري أوروبي. هذا ما أفصحَ عنه ردّاً على اتهامه في حملته الانتخابيّة بأنّه يساري. ووصف شخص لنفسه بأنه يساري ولكن أوروبي أمر غريب: كأن يقوم رجل أميركي بوصف نفسه بأنه يساري صيني أو يساري عربي. هل إنّ الوصف هو في خانة العقدة اللبنانيّة التقليديّة بأن «الفرنجي برنجي»، وهل إنّ جاد يرى أنّ اعتناقه للصفة الأوروبيّة (على أي أساس؟) يحصّنه ضد نقده على يساريّته؟ وأن يقوم عربي باعتناق اليسارية لكنّ الأوروبيّة أمر خطير للغاية. اليسار الأوروبي قد يكون «كول» في المتن لكن ليس في التاريخ أو الحاضر الراهن. اليسار الأوروبي يسار عنصري إسلاموفوبي استعماري وله إرث خطير في الجرائم في بلادنا. بعض الذين حكمونا باسم الاستعمار الفرنسي، كانوا يساريّين. الجنرال موريس ساراي الذي حكم بلادنا أثناء حقبة الاستعمار كان اشتراكيّاً. هذا الذي وعدنا بانتخابات ونكث بوعده، وهو الذي أثار غضباً في العالم عندما قصف دمشق عام 1925 وأمر بحرق قرى عن بكرة أبيها. عن وحشيّة الجنرال ساراي، كتب أحمد شوقي قصيدته الشهيرة: سلامٌ من صبا بردى أرقُّ، ودمعٌ لا يكفكفُ يا دمشقُ. يفضِّل جاد غصن أن يتشبّه بالجنرال ساراي، مثلاً، أكثر مما يريد أن يتشبّه بيساريّين عرب — على سوء الكثير من قادتهم؟ واليسار الأوروبي المعاصر يشارك في الحملات العنصريّة ضدنا، وهو كان من أشدّ المناصرين لدولة إسرائيل بعد الحرب العالميّة الثانية. وخطاب جاد غصن في الدفاع عن نفسه، يكشف عن مشكلة عويصة في «بيئة المتن». هناك بيئات غير «بيئة المقاومة». تكشّفت بيئة المتن عن رجعيّة دينيّة وسياسيّة وعن يمينيّة ماكارثيّة جعلت المرشح جاد غصن يستنجد باليسار الأوروبي كي يردّ تهمة اليسار (العربي الشرشوح) عن نفسه. «بيئة المتن» (طالما تكثرون في الحديث عن بيئة واحدة) مُصابة بالتزمّت السياسي والطائفي والكنسي الشديد. تشتغل كل بيئة على حالها في لبنان قبل أن تعظ بيئات أخرى. وجاد في محاولته لصق الأوروبيّة بيساريّته، إنما يعالج مرضاً يمينياً مستعصياً بحلّ عنصري مُستورد من الغرب.

  • انتخابات لبنان 2022 | الزعامة الجنبلاطية مهدّدة في هذه الدائرة

0 تعليق

التعليقات