هناك في لبنان مَن يمكن تسميتهم بـ «نواب الصمت». هؤلاء نوّاب لا يتحدّثون مع جمهورهم لكن يتحدّثون في جلسات خارج وطنهم، أو داخل وطنهم أمام جمهور غربي. من سمع بالنائب علي عسيران مثلاً؟ من سمع له صوتاً؟ أنا لم أسمع له صوتاً قطّ. هل صوته نحيف أو أوبرالي أو أجشّ، لا أعرف؟. لا يجب الحكم على الشكل، لكن لا يبدو أنّ النائب عسيران ضليع في العمل السياسي. لكن خلافاً لأي انطباع، عثرنا على صوت عسيران ذات مرّة في وثائق «ويكليكس». لم أكن أعلم أنه مُحدِّث إلى أن وقعنا على وثائق «ويكليكس» عن لبنان. هناك البعض في لبنان مَن يشكّك في وثائق لا تشكّك في صحتها حتى الحكومة الأميركيّة. ومحنة أسانج هي بسبب هذه الوثائق الصحيحة مئة في المئة. النائب عسيران ينطق عن الحزب وعن إيران بما ينطق به جماعة 14 آذار. وهناك النائب نعمة طعمة. لم أسمع له صوتاً قطّ (هناك مواطن إماراتي أخبرني أنّ صوت رئيس البلاد لم يُسمع منذ سنوات عديدة). لكنّ نعمة طعمة (الذي أصبح نائباً لأنه يموّل وليد جنبلاط ويمدّه بطائرته الخاصّة في سفراته) صدّاح صاخب في الصحف السعوديّة. بجدّ، لو فتّشتم عن نعمة طعمة لوجدتموه مقيماً في صحف آل سعود. نعمة طعمة ينطق بصورة شبه يوميّة في صحيفة «الشرق الأوسط» و«عكاظ» وكل كلامه هو دفاع عن النظام السعودي بوجه انتقادات حقيقيّة أو خياليّة. لو لم يكن هناك انتقاد للسعودية، لاختلقه نعمة طعمة من أجل تبييض صفحته مع النظام هناك. ما شأن أمثاله بالسياسة؟ أشكّ أنّ أهل منطقته يعرفونه بالشكل أو أنّهم سمعوا صوته. أنا صراحة لم أكن أعرف عنه، إلا أن وليد جنبلاط يسافر بطائرته الخاصّة. ولماذا كان جنبلاط يحرص على إبلاغنا أنه يسافر بطائرة خاصّة؟ تشرّفنا. لكنّنا نلاحظ أنه يسافر هذه الأيّام بطائرة تجاريّة، ويحب أن يلتقط الجمهور صورة له في الطابور. حبيب الشعب صار. لكن ماذا تفعل بنصف المليار دولار المكدّسة والملايين في حسابات أوروبيّة؟