لم تعد للكتاب في مجتمعنا قيمة كبيرة، خصوصاً مع الاجتياح الرقمي، إذ تخلّى الجزء الأكبر من روّاد المكتبات ومحبّي القراءة عن ملمس الورق واستبدلوه بالشاشات. أعادت جمعية «السبيل» أخيراً الحياة للكتب، جامعةً بين الاستعارة والقصص من جهة، وبين التجارب الملموسة من جهة أخرى، عبر «استعارة الإنسان» والاستماع إلى حكاياته، من خلال نشاط جديد فريد من نوعه. «بعد الاطلاع على تجارب المكتبات حول العالم ودراسة ما يمكن نقله إلى مجتمعنا بتقبّل من أفراده، قمنا بتطبيق هذه التجربة التفاعلية الجديدة»، يقول المدير التنفيذي علي صباغ لـ «الأخبار».
(ميخائيل زلاتكوفسكي ـــ روسيا)

هكذا، نقلت «السبيل» مبدأ القراءة إلى عالم جديد مليء بالتفاعل والحماسة، يلغي الأحكام المسبقة والتمييز عبر تقريب وجهات النظر ونشر التعاطف بين الأشخاص. نظّمت الجمعية هذا النشاط التفاعلي ــ الذي لا يعدّ الأوّل بالنسبة إليها ــ في مكتبة بلدية بيروت العامة في الباشورة، عبر استضافة أشخاص عاشوا تجارب مؤثّرة، ومنحتهم فرصة إخبار الزوّار ما واجهوه في جلسات مباشرة كسرت حواجز نفسية وجغرافية عدّة.
الحديث التفاعلي مع من عاش التجربة، يقرّب القارئ/ المستمع من الراوي. في هذه التجربة، نزعت «السبيل» الحاجز المفروض بين الكاتب الراوي وجمهوره، وجعلت من الأشخاص «كتباً حيّة»، فسمحت بتبادل الأحاديث، ما ساعد الطرفين على الشعور بالتواصل الفعلّي المحسوس.
وبحسب صباغ، تتطلّب مشاركة التجربة شجاعة كبيرة لتخطّي العائق النفسي والمجتمعي، خصوصاً إذا كانت القصة صعبة التقبّل، وهي أشبه بعملية تطوير للذات كما مساعدة للآخر عبر تزويده بتجارب قادرة على التأثير فيه إيجاباً.
قصص مختلفة رواها ضيوف النشاط، وهم: شخص تعرّض لتجربة سيّئة مع التنمّر تكلّم تحت عنوان «العلامات التي لا تحدد النجاح، تجربتي المدرسية الخاصة»، ومهرّج (ستريت آتاك)، ومعالج نفسي حركي (من أزمات وجودية إلى أزمات وطنية: المرونة)، ومريض انتصر على السرطان (السرطان وسحر الأمل)، بالإضافة إلى مهرّج آخر (عبّاس الحسّاس).
في هذا الإطار، عبّر صبّاغ عن الفرح بنتيجة التجربة الإيجابية، إذ لاقت إقبالاً كبيراً شجّع القائمين على النشاط على التفكير في تكثيفه وإقامته ثلاث مرات شهرياً.