على خلفيّة مهرجان Arabofolies التطبيعي الذي ينظّمه «معهد العالم العربي في باريس» (بين 3 و12 كانون الأول/ ديسمبر)ويتضمّن عروضاً موسيقيّة وسينمائيّة ومعارض تشكيليّة، أصدرت «الحملة الفلسطينيّة للمقاطعة الأكاديميّة والثقافيّة لإسرائيل (PACBI)» بياناً تحت عنوان «معهد العالم العربي-فرنسا: من التعريف بالثقافة العربية، إلى تلميع جرائم الاحتلال وتشجيع التطبيع». وجاء فيه: «بعد ورود معلومات جديدة بخصوص معرض «يهود الشرق» الذي ينظّمه معهد العالم العربي-فرنسا، تُعلن الحملة عن تغيير موقفها وتدعو كافة المشاركين/ات في مهرجان «عيد اللغة العربية» إلى الانسحاب منه، بعد الاطّلاع على تصريحات دينيس تشاربت أحد أعضاء اللجنة العلمية القائمة على معرض «يهود الشرق» المدرج ضمن برنامج المهرجان. إذ قال تشاربت، في مقطع مصوّر في مناسبة افتتاح المعرض: «قام «متحف إسرائيل» ومعهد «بن تسفي» في القدس بإعارة حوالى عشرين إلى ثلاثين عملاً فنياً لمعهد العالم العربي في باريس. لذلك، من الممكن القول إن هذا المعرض هو الثمرة الأولى لـ «اتفاقيات أبراهام»، وهذا يبدأ من خلال التطبيع. نحن لم نعد نخاف من إقامة معرض عن يهود الشرق، ولن تطبق السماء على الأرض إذا عملنا تعاوناً مع إسرائيل». ويدلّل ذلك على اتساق هذا المعرض مع مواقف مدير المعهد جاك لانغ، التي تحتفي باتفاقية التطبيع المغربية-الاسرائيلية وخيانة النظام المغربي للقضية الفلسطينية، التي أشارت لها الحملة في بيانها السابق. وعليه، فإنّ الحملة تؤكد مرة أخرى على ضرورة التحري الدقيق حول المشاركين/ات في أنشطة المهرجان والجهات الداعمة لأي من فعاليّاته، تجنّباً للوقوع في التطبيع.وبناءً على ما ورد، وبالنظر إلى سيرورة فعاليات المعهد، يتّضح لنا أنّ هناك توجهاً متعمَّداً للخلط بين المكوّن اليهوديّ-العربيّ للثقافة العربية (المشرقية)، الذي يعدّ جزءاً من النسيج العربي في المنطقة وأسهم في تطوير الثقافة العربية، قبل أن تتم صهينته مع بدء تنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين مطلع القرن الماضي، وبين الصهيونية وإسرائيل، فضلاً عن استغلال هذا المكوّن الأصيل في تجيير جزء من تاريخ المجتمعات العربية لمصلحة المشروع الاستيطاني الصهيوني التوسّعي وخدمةً لأغراض تطبيعية. لذلك، لا يُمكن فهم التوجهات السياسية لمدير المعهد وبعض القائمين على فعالياته إلا ضمن سياق التطبيع، وهو ما نرفضه تماماً وندعو للتحرّك لوضع حدٍّ له. أما في ما يتعلق بالعلاقات المؤسساتية التي أقامها معهد العالم العربيّ مع جهات تابعة للحكومة الإسرائيلية أو مؤسسات أكاديمية إسرائيلية متورطة في إدامة منظومة الاستعمار الإسرائيليّ باستعارته قطعاً أثرية من «متحف إسرائيل» ومؤسسة «بن تسفي»، فهي تشير إلى تورّط المعهد في محاولات العدوّ الإسرائيليّ المستمرة لتلميع جرائمه بحق شعوب المنطقة العربية وتوظيف الفن والثقافة والتاريخ في خدمة أغراض سياسية واستعمارية. ونتساءل هنا، كيف لمعهد العالم العربيّ-فرنسا، الذي يدّعي كونه أداة للتعريف بالثقافة العربية والترويج لها، أن يروّج في ذات الوقت للاستحواذ الثقافيّ الذي تمارسه هذه المؤسسات بحق جزء أصيل من الثقافة العربية (المكوِّن اليهودي) بعدما أخضع بالكامل لحاضنة استعمارية صهيونية-إسرائيلية؟
ختاماً، وإذ تؤكد الحملة على مطالبتها لكافة المشاركين/ات في مهرجان «عيد اللغة العربية» للانسحاب من فعاليات المهرجان، فإنها تدعو كافة الفنانين/ات والمثقّفين/ات العرب والدوليّين/ات التقدميّين/ات إلى تكثيف الضغط على إدارة المعهد لإنهاء تورّطه في تلميع جرائم نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيليّ، وتشجيعه على التطبيع معه».
وكان مهرجان Arabofolies الذي يتضمّن عروضاً موسيقية وسينمائية ومعارض تشكيليّة قد شهد انسحابات الفنانين الفلسطينيّين علاء أبو دياب، وسهاد الخطيب، وهديل الصفدي، وجمانة منّاع وغيرهم، فيما لم يبدِ الفنّان اللبناني رامي خليفة وفرقة «أدونيس» حتى الآن أي ردّة فعل، رغم مطالبات الحملة والناشطين بالامتناع عن المساهمة في منح الشرعية لاسرائيل وتلميع صورتها عبر المشاركة في هذا المهرجان التطبيعي.