أَعيُنُ المصوِّرين تُـخَـزِّنُ الأشكالَ والألوانَ والظلالَ وكلَّ ما يُرى وما لا يُرى.. لتصنعَ لوحة. أدمغةُ المؤرّخين تُخَزّنُ الأسماءَ والتواريخَ والأحداثَ (ما كان منها وما لم يكن) وما يلزمُ للحقيقةِ من الدماءِ والعظامِ وجثامينِ القتلى، لتلفيقِ كتابٍ صالحٍ لتقويةِ قلوبِ ذئابِ المستقبل.
حناجرُ الخطباءِ (إضافةً إلى فتنةِ الهذياناتِ والأباطيل) تُخزّنُ الأهوالَ والمآثرَ وما لُـفِّقَ من صيحاتِ المنتصرينَ، لتَحليَـةِ مذاقِ الموتِ وجعلِهِ لائقاً بأعراسِ السفّاحين وجنازاتِ الحمقى ووَلائمِ الناجين من التهلكة.
أعينُ وأدمغةُ وأحشاءُ الـ... إلى آخره، تُخَزّنُ الـ... إلى آخرهِ وإلى آخرهِ، لتعزيزِ آمالِ الخائبين بأنّ «إلى آخره...» خيرٌ مِن «إلى آخره».
..
قلوبُ الشعراءِ، قلوبُ الشعراءِ المنفوخةُ بالكوابيسِ وأورامِ اليأس،
تُخزّنُ، بالكلماتِ والأنفاسِ والدموع،
كلَّ ما يلزمُ من مؤونةِ الحياةِ
لتَهوينِ رحلةِ العبورِ إلى ديارِ موتِهم.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا