عقد ظهر أمس الجمعة المؤتمر الصحافي السنوي الخاص بـ«مهرجان البستان» للموسيقى الكلاسيكية الغربية. عنوان الدورة التي تنطلق في 18 شباط (فبراير) وتستمر لغاية 22 آذار (مارس) المقبلَين هو «لودفيغ». هذا هو الاسم الأوّل للمؤلف الألماني الكبير بيتهوفن (1770 ــ 1827) الذي يحتفل العالم هذا العام بالذكرى الـ250 لولادته. الاسم كان متوقعاً، وكذلك احتمال إلغاء الدورة برمّتها، نظراً إلى الظروف الاقتصادية. فهذا المهرجان تحديداً يتأثّر أكثر من نظرائه بأوضاع كهذه لأسباب عديدة، من بينها تعويله على رموز العزف الكلاسيكي الأجانب (الذين قد يعتذرون عن عدم المشاركة في ظل ظروف مضطربة)، وكذلك أسعار البطاقات التي ليست في متناول الجميع، حالياً، حتى الميسورين غير القادرين على الوصول إلى أموالهم في المصارف بالسهولة المعهودة. وهنا، إحدى المفاجآت الكبيرة هذه السنة، إذ تم توحيد سعر رمزي لجميع الأمسيات (30 ألف ليرة لبنانية!). لكن المهرجان صمد، ربما لأنّه اعتاد «احتمال التعثّر» في بلدٍ لم تمر عليه سنة من دون «وعكة» ما، إلى درجة أنّ ذلك بات وضعه الطبيعي على قاعدة «تَعجَبين مِن سَقَمي، صِحَّتي هي العَجَبُ».إذاً، لبّت وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية دعوة «البستان» للإعلان عن برنامج دورة «لودفيغ» المخصصة بالكامل لأعمال بيتهوفن، الأمر الذي لم يحظَ به أيّ مؤلف آخر في تاريخ المهرجان من خارج الثالوث الموسيقي الأقدس: باخ (دورة 2018)، موزار (دورة 2006) وبيتهوفن (الدورة الحالية).
بصوت أثقلته السنين، رحّبت مؤسسة المهرجان، ميرنا بستاني، بالحضور. قالت كلمات قليلة في ما خصّ البرنامج وبيتهوفن في عيده، ثم تركت الكلام لابنتها لورا لحود التي حكت عن الصمود والتحدي والأمل في ظلّ الظروف القاسية. أمر يتماهى مع شخصية بيتهوفن وحياته ومعاكسة القدر له منذ طفولته حتى مماته... هو الذي فقد أهم ما يملك كمؤلف: حاسة السمع. بعدها، استعرض المدير الفني، جيانلوقا مارتشيانو، البرنامج (لنا عودة إليه بالتفصيل عشية الافتتاح) والأسماء المشارِكة في الدورة من موسيقيين مرموقين (نجوم صاعدين وبعض المكرّسين).
بعد ذلك، أدلى باقي أعضاء اللجنة بكلمات صبّت كلها في خانة الصمود و«الأعجوبة اللبنانية» وكلام الثناء لسيدة المهرجان، وكذلك فعلت الصحافة، باستثناء المسؤولة عن موقع Lebtivity التي سألت السؤال الوحيد المفيد في المؤتمر، حيث استفسرت عن أمسية يشارك فيها الكاتب الفرنكوفوني ألكسندر نجّار… وهنا، حلّت الإهانة على المهرجان وعلى بيتهوفن. فالرجل الذي دعي إلى أحد مواعيد الدورة لأنه كتب كتاباً عن «اعترافات» بيتهوفن (معلومٌ أن الرجل رفض دخول الكاهن إلى غرفته لكي «يعرّفه» قبيل وفاته)، تلفّظ بمفردات تدلّ على مستوى مبتدئ في العلاقة بالموسيقى (كسمع وليس كنظريات طبعاً)… نعم، هذا الشخص ذاته يدّعي قدرته على نقل «اعترافات» بيتهوفن المفترضة (أين فيليب سولرز وميلان كونديرا من شغفه بالكتابة عن الموسيقى وعمق علاقته بها؟). هنا، إلى جانب «الأعجوبة اللبنانية»، بات بالإمكان الكلام عن «الوقاحة اللبنانية»، وللبحث صلة.

* مهرجان «البستان»: من 18 شباط لغاية 22 آذار ــ فضاءات عدة في بيروت و«فندق البستان». للاستعلام: 04/972980