منح «بيت الشعر» في المغرب، محمد بنطلحة «جائزة الأركانة العالمية للشعر» عن مجمل أعماله. وتشكّلت لجنة الجائزة هذه السنة من الشعراء والنقاد: محمد الأشعري، رشيد المومني، عبد الرحمان طنكول، حسن نجمي، نجيب خداري وخالد بلقاسم. وكانت اجتماعات اللجنة المذكورة، سادتها لحظات من النقاش الساخن حول المعايير التي ينبغي اعتمادها لمنح هذه الجائزة (قيمتها 12 ألف دولار أميركي) التي انطلقت عام 2012، وتكرّست ضمن أهم الجوائز العالمية التي تُمنح للشعر، خصوصاً أنّ شعراء كباراً نالوها في الماضي من بينهم بي داو (2002)، محمد السرغيني (2004)، محمود درويش (2008)، سعدي يوسف (2009)، الطاهر بنجلون (2010)، مارلين هاكر (2011)، أنطونيو غامونيدا (2013)، إيف بونفوا (2013).محمد بنطلحة (مواليد فاس سنة 1950) عضو مؤسس لـ «بيت الشعر»، عمل أستاذاً للتعليم العالي في المدرسة العليا للأساتذة في مراكش ومكناس، وأصدر دواوين عدة منها «نشيد البجع» (1989)، «غيمة أو حجر» (1990)، «سدوم» (1992)، و«قليلاً أكثر» (2007)، إلى جانب كتب في نقد الشعر وفي السيرة الذاتية.
وقد برّرت لجنة التحكيم قرارها بكون بنطلحة «فتح أفقاً كتابياً ارتقى باللغة العربية إلى مدارج عُليا في التركيب والتخييل والمعنى، وأسهم في تمكينها من محاورة شعريات عالمية، برؤية حداثية تنتصر للخيال والجمال والحلم والمستقبل». ويختلف بنطلحة عن أبناء جيله بتأنيه الشعري الملحوظ منذ عقود، وبهيمنة نزعة شعرية محاورة لشعريات عالمية، خصوصاً الشعرية الفرنسية. أضف إلى ذلك اختلاط المدارس والاتجاهات الشعرية، عربية وأوروبية، في قصيدته ذات البناء المتماسك والدلالة المتشعبة والمركبة القابلة للتوليد والانشطار. هذا العبور التجريبي نحو أساليب الشعرية الحديثة، تبلورت لدى بنطلحة بفعل عوامل ثقافية عدة أبرزها اطلاعه على الشعر والنثر العربيين، واتساع قراءاته وترجماته لشعراء فرنسيين، كان أقربهم إليه فرانسيس بونج. هذا ما جعل كل قصيدة عند بنطلحة مغامرة ينتظرها القارئ حين تُنشر في الملاحق الثقافية المحلية، أو ضمن مجموعات تصدر، من دون أن يهتم الشاعر بسؤال: هل هي دار نشر كبيرة أم صغيرة. إذ نشر لدى «اتحاد كتاب المغرب»، والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، و«دار توبقال»، ودار الثقافة... مؤسسات ودور نشر ذائعة الصيت وواسعة الانتشار، أو لدى دور نشر صغيرة ومحدودة مثل «فضاءات مستقبلية» التي نشرت له مجموعتين هما «بعكس الماء» (2000)، و«ليتني أعمى» (2002). أمر يجعل شعريته، في الحياة أو في الشعر، مكينة وقوية، تدعمها لغة شفافة، وجمل قصيرة ومشدودة، وخيال يجد سنداً ثقافياً واضحاً. لهذه الأسباب، ولأخرى، آلت جائزة «الأركانة» إليه.