أثار اهتمامي وشكوكي معاً إعلان «هيئة التراث» السعودية حلّها للغز نقش إسلامي جرى العثور عليه من قبل في منطقة «رابغ» مؤرَّخ بالسنة الرابعة والعشرين للهجرة، وله علاقة بالخليفة عثمان بن عفان، ومكتوب من قبل شخص اسمه «زهير». فالعثور على نقش مؤرخ بهذه السنة، ومكتوب بخط شخص يدعى «زهير» يشير إلى أننا قد نكون مع زهير نفسه الذي عثر له على نقش في منطقة العلا يتحدث عن مقتل الخليفة عمر، وقُرئ هكذا: «بسم الله. أنا زهير كتبت زمن توفي عمر سنة أربع وعشرين». ورغم أن الهيئة لم تربط مباشرة بين زهير رابغ وزهير العلا، فإن الربط يبدو منطقيا جداً. وقد أثار احتمال أن نكون مع الكاتب ذاته شكوكي تجاه قراءة «هيئة الآثار» للنقش. فوجود زهير في النقشين يعطينا ما يشبه أن يكون مراسلاً حربياً يتنقل من مكان إلى مكان لنقل أخبار الحرب على الجبهة. فقد وصل إلى زهير المفترض خبر مقتل عمر في العلا، فسجّله، ثم انتقل مباشرة، وعلى عجل، لتغطية ذيول الحدث الكبير. ثم وصله خبر تنصيب عثمان بن عفان وهو في رابغ (تبعد عن المدينة قرابة 280 كلم، وعن مكة قرابة 330 كلم، وهي اليوم تابعة لإمارة مكة)، فسجّله فوراً، ثم تابع رحلته في ما يبدو. وهذا يشبه فيلماً من هوليوود في الحقيقة أكثر ما يشبه قصة نقوش مبعثرة من عصر الخلفاء الراشدين.

وقد دفعني الاهتمام والشك إلى محاولة التحديق في النقش للتأكد من صحة القراءة المقدمة له، ومن صحة وجود زهير هذا، فوجدت بيان «هيئة التراث» منشوراً على تويتر تحت عنوان: «العثور على نقش تاريخي مرتبط بثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضي الله عنه». يقول البيان: «تُقدم هيئة التراث قراءة جديدة لنقش مرتبط بثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث تم العثور على النقش من بين عدد من المهتمين، ضمن حدود قصر عليا الأثري بمنطقة مكة المكرمة، وأجرت الهيئة فحصاً وتوثيقاً للنقش يكشف عن غموض السطر الأول، والذي أسفر عن اسم الذي كتب وقام بتدوين النص».
ثم قدمت الهيئة قراءتها للنقش على الشكل التالي:
«أنا زهير آمنت
بالله وكتبت زمن
أمّر بن عفان
سنة أربع وعشرين».
وقد أدى النقاش الذي دار حول البيان الذي لم يذكر أسماء مكتشفي النقش وقارئيه الأول، إلى اضطرار الهيئة لتقديم توضيحات محددة بخصوص هؤلاء. نسبت العثور عليه وقراءته الأولى لكل من الدكتور عيد اليحيى ومحمد المغذوي، وجماعة معهما. بذا، فقد تبين أنّه كانت هناك قراءة أولى للنقش مختلفة عن قراءة الهيئة. وهذا يعني أنّ عمل الهيئة كان تصحيح القراءة السابقة التي كانت على الشكل التالي: «لله وكتبت زمن أمّر ابن عفان سنة 24». وهو ما أشارت إليه بالفعل «هيئة التراث» في بيانها حين تحدثت عن: «قراءة جديدة» للنقش. وتبعاً للبيان، فقد كان الجديد الذي قدمته الهيئة هو قراءة السطر الأول غير الواضح، وعلى الأخص الكلمة الثانية فيه التي قرأتها على أنها «زهير». بالتالي، صرنا نعلم أنّ هناك شخصاً يدعى زهيراً يعلن أنه كاتب النقش.

مشكلات قراءة هيئة التراث
لكن التدقيق في النقش والتحديق في صورته المنشورة وفي رسم الهيئة له يؤدّيان إلى اكتشاف مشكلات جدية في قراءته.
المشكلة الأولى: إنّ الهيئة أخرجت القسم الأسفل من النقش، أي السطرين الخامس والسادس اللذين يقولان بحسب رسمهما من قبل الهيئة: «أنا عبد اله سعد»، وهو ما كان قد فعله أيضاً أصحاب القراءة الأولية أيضاً، الذين أخرجوا هذه الجملة من النقش، ورأوا أنّها تمثل نقشاً آخر لا علاقة له بالنقش الذي نتحدث عنه. هذا رغم أن الجملة ملتصقة بشدة بالنقش، وتوحي بأنها جزء أصيل منه.


وقد أُخرج هذا الجزء نهائياً من النقش لأن السطر الأول يبدأ بكلمة «أنا... ». وجود هذه الكلمة جعل القارئين القدماء والجدد، يفترضون أن اسم الكاتب يجب أن يتبع كلمة «أنا». وإذ قرأت الهيئة الاسم غير الواضح بعد كلمة «أنا» على أنه «زهير»، فقد ثبت لها أنّ النقش الأسفل لكاتب آخر. عليه، فالعثور على «زهير»، أوجب إبعاد الشخص الذي يبدو أنه يدعى «عبد الله بن سعد». وبإبعاد عبد الله أقفلت طريق فهم النقش.


المشكلة الثانية: إن الاسم «عفان» كُتب بالألف حسب الهيئة. وهذا غير معهود في تلك الفترة. فنقش قيس الكاتب الذي يوثق حادثة مقتل الخليفة عثمان مثلاً يكتب اسمه هكذا: «عثمن بن عفن». وهذا يضاعف الشكوك. فالألف تكتب في النقش الأقدم، لكنها تحذف من النقش الأحدث. وهو عكس ما يجب أن يحدث منطقياً. فالألف التي كانت لا تكتب، أخذت تكتب مع تقدم الزمن.
المشكلة الثالثة: إن نون الاسم «عفان» تموضعت، حسب قراءة الهيئة، في الواقع في السطر الرابع لا في السطر الثالث. بالتالي، فالجزء الأساسي من الاسم عثمان، والمكون من ثلاثة حروف، يقع في السطر الثالث، لكن النون تقع بغالبية جسدها في السطر الرابع. وهذا غريب فعلاً.
المشكلة الرابعة: إنّ نون عفان هذه تقسم كلمة «وعشرين» إلى قسمين وتفصل بينهما: «وعشر+ ين». وهذا أمر غريب آخر أيضاً.
لكل هذا، بدا لي أن قراءة النقش بهذه الطريقة مشكوك فيها، بل غير سليمة.
وبالتدريج تأكد لي أنّ القسم الذي أبعدته «هيئة التراث» جزء أصيل من النقش، وأنه يحوي اسم الكاتب. بذا فاسم كاتب النقش هو «عبد الله بن سعد». لكن بما أن السطر الأول يبدأ بكلمة «أنا...» فقد كان لا بد لي أن أفترض أن الكاتب يكرر اسمه بشكل ما في بداية النقش وآخره. وهذا ما سهل عليّ قراءة الجزء غير الواضح من السطر الأول هكذا «أنا بن سعد». وهذا يعني رفض فكرة وجود «زهير» في النقش نهائياً. أما ما يشبه الزاي هناك، وهو في الحقيقة يشبه الذال وليس الزاي، فليس في الواقع أكثر من خط مصادف حدث بعد كتابة النقش.
كما يمكن القول إنني حين قرأت الحرف الاسم «عفن» على أنه مكون من ثلاثة أحرف لا من أربعة، فقد أخذ الحرف الطويل الرابع، الذي قرئ نوناً، موقعه في السطر التالي، أي الرابع، ولم يعد تابعاً لكلمة «عفان» في السطر الثالث، وهذا ما سهل عليّ قراءته على أنّه تاء كبيرة الحجم في كلمة تقرأ «شعرتُ». وكلمة شعرت هذه هي التي قرئت على أنها «عشرين» بعدما أضيفت إليها كلمة «بن» في جملة «عبد الله بن سعد».
وحين وصلت إلى عدم وجود كلمة «عشرين» في النقش، كان لزاماً عليّ أن أقرأ «سنة أربع» وليس «أربع وعشرين». وكانت هذه هي مفاجأة النقش الكبرى.
وقد فرض وجود كلمة «أربع» بالضرورة إلغاء احتمال وجود كلمة «أُمِّر» التي تشير إلى تنصيب عثمان بن عفان خليفة. ففي السنة الرابعة الهجرية، لم تكن هناك لا إمارة ولا خلفاء. عليه، فقد كان عليّ تقديم قراءة أخرى للكلمة. وهكذا وصلت إلى أنّ الكلمة يجب أن تقرأ «آمَنَ» لا «أُمّر»، وبهذا اكتمل النقش الذي ليس فيه أي زهير، وليس له علاقة بالتوقيت الهجري، ولا بخلافة عثمان بن عفان، وصار مفهوماً وواضحاً:
«أنا بن سعد آمنت بالله وكتبت زمن
آمن بن عفن سنة
أربع وشعرتُ
أنا عبد الله بن سعد»
مع ملاحظة أن ألف كلمة «الله» في السطر قبل الأخير ضائعة. بذا فإما أن يكون الكاتب قد نسي كتابتها، أو أنها طمست.



إعلان للإيمان على الصخرة
ويمكن القول، من دون مبالغة، إن قراءة النقش بهذه الطريقة يشبه انفجار قنبلة كبرى. فهو نقش يؤرخ بتاريخ غير التاريخ الهجري. إذ هو يقول: «زمن آمن بن عفان سنة أربع». وعثمان بن عفان لم يؤمن في السنة الرابعة للهجرة، بل آمن بمكة قبل الهجرة. بذا فالمنطقي أن نفهم أن الحديث يجري عن السنة الرابعة للبعثة النبوية. وهذا يعني أنّ الحلقة الأولى من المسلمين كانت تؤرخ في ما بينها بسنة المبعث في ما يبدو. لكن هذا التاريخ جرى التخلي عنه لصالح التاريخ الهجري لاحقاً.
ومن الواضح بالنسبة إليّ أنّ النقش قد كتب قبل انفجار الصراع على مداه بين النبي ودينه الجديد وبين قريش. وهو ما يعني أنّ صراع قريش مع الرسول والمسلمين انفجر نهائياً بعد تاريخ كتابة النقش، أي بعد السنة الرابعة للبعثة. أي عملياً في السنة الخامسة للبعثة، وهي السنة التي هاجر فيها عثمان بن عفان إلى الحبشة. بالتالي، فالنقش يؤيد الراوية الإسلامية عن الأحداث في هذه الفترة.
لكن النقطة المركزية، التي يجب توضيحها، تتعلق بكلمة «شعرت» في النقش. ففهمها في سياقها يعطينا فكرة عن تتابع الأحداث التي يعرضها النقش. وكلمة «شعرت» تعطينا أحد معنيين: حدست، أحسست، فهمت، فطنت، ونحن نستعملها الآن غالباً بالمعنى الأول. أو علمتُ وأُخبرت، ويبدو أنّ النقش يستعملها بهذا المعنى، أي بمعنى علمت وعرفت ودريت، هو المعنى الأشيع عند القدماء: «شعَرَهُ الأَمْرَ وأَشْعَرَه به: أَعلمه إِياه. وفي التنزيل: وما يُشْعِركم أَنها إِذا جاءت لا يؤمنون؛ أَي وما يدريكم. وأَشْعَرْتُه فَشَعَرَ أَي أَدْرَيْتُه فَدَرَى. وشَعَرَ به: عَقَلَه. وحكى اللحياني: أَشْعَرْتُ بفلان اطَّلَعْتُ عليه، وأَشْعَرْتُ به: أَطْلَعْتُ عليه، وشَعَرَ» (لسان العرب).
وإن صح هذا، فإنه يمكن الوصول إلى ترتيب الأحداث تبعاً للأفعال التي وردت في النقش: «أنا زهير آمنتُ وكتبتُ زمن آمن بن عفان وشعرتُ». فنحن نبدأ مع معرفة ابن سعد بخبر إيمان عثمان «شعرتُ»، ثم نمضي إلى إعلانه لإيمانه (آمنت) على إثر إيمان عثمان، ثم كتابته لنقش الإعلان عن إيمانه (كتبتُ). وهذا يعني:
أولاً: إنّ خبر إيمان ابن عفان وصل لابن سعد، وهو في رابغ، فكتب نقشه توثيقاً للخبر، واحتفاء به في ما يبدو.
ثانياً: وهذا يعني أن العطف في الأفعال (آمنت وكتبت وشعرتُ) عطف تتابع مباشر وفوري في ما يبدو. أي أن الرجل أعلن إيمانه بعد وصول خبر إيمان عثمان، ثم كتب إعلاناً بذلك على الصخرة فوراً.
ثالثاً: ويمكن للمرء أن يرى أن الفارق بين لحظة إيمان عثمان وإيمان ابن سعد يبلغ أسبوعاً تقريباً، فالمسافة بين مكة ورابغ في حدود 330 كلم. وهذه تحتاج إلى أسبوع لقطعها وإيصال الخبر.
رابعاً: كل هذا يشير إلى أنّ أمر إيمان الرجلين كان موضوع تداول بينهما من قبل، أي أنهما ناقشا معاً احتمال دخولهما حلقة الرسول الأولى وهما في مكة. لذا فحين سمع بن سعد بخبر إيمان عثمان رسمياً، بادر إلى الإعلان الفوري عن إيمانه هو أيضاً في نقشه. وهذا يعني أنّ ابن سعد كان على علاقة وطيدة بابن عفان. أي أنهما كانا صديقين. كما يعني أنّ إعلانه عن إيمانه في نقشه هو في الواقع إعلان مزدوج، أي إعلان عن إيمانه وإيمان عثمان معاً.
خامسا: أخيراً، هذا يجعلنا نفهم لمَ كرر الرجل اسمه مرتين في النقش. فالأول هو توقيعه (أنا بن سعد). وكان التوقيع، أي إعلان اسم الكاتب، يوضع في أول النقش في كثير من الأحيان. أما الثاني (أنا عبد الله بن سعد) فهو مربوط بكلمة شعرت: أي: حين شعرت- عرفت أنا عبد الله بن سعد. بالتالي، أراد الرجل أن يتضح للقارئ العابر من هو «بن سعد» الذي يعلن إيمانه ويعلن أنه كاتب النقش. وهذا يعني أنه لم يكن خائفاً من الإعلان عن ذلك. ومن المحتمل أنّ قضية الإعلان عن اتباع الدين الجديد قد نوقشت بينه وبين عثمان، واتفقا عليها، أي اتفقا على أنهما سيعلنان عن إيمانهما حين يقرران دخول الدين الجديد. ففي ذلك الوقت كانت قد بدأت حركة إعلان للمؤمنين الجدد في تحد لمكة وسادتها.

• عبد الله بن سعد
لكن، من هو عبد الله بن سعد كاتب النقش هذا؟ من هو هذا الشخص الذي كان قريباً جداً من عثمان بن عفان حدّ أنه يعلن إيمانه عقب إعلان بن عفان عن إيمانه؟ نحن لا ندري. فهناك أكثر من عبد الله بن سعد في فترة الإسلام الأولى في مكة.
لكنّ هناك احتمالاً جدياً لأن يكون هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أخي عثمان بن عفان في الرضاعة. وهذا يفسر سرّ اهتمام الكاتب بعثمان بن عفان وإيمانه. لكن سيرة عبد الله بن سعد مضطربة للأسف. هناك من يقول إنه أسلم قبل صلح الحديبية، ثم هاجر إلى المدينة وصار كاتباً للرسول. وهذا تنقضه بقوة الأخبار التي تقول إنّ الرجل كتب للرسول في مكة: «وأَول من كتب له [للرسول] بمكة من قريش عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح، ثمّ ارتدّ، ثمّ عاد إلى الإسلام يوم الفتح» (ابن حجر العسقلاني، فتح الباري). يضيف الحلبي: «وهو أول من كتب له صلى الله عليه وسلم من قريش بمكة ثم ارتد» (الحلبي، السيرة الحلبية). وهو ما يحدثنا أيضاً عنه الدكتور جواد علي: «روي أنه كان أول من كتب له من قريش» (جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام). والحال، أن أول كاتب للرسول في مكة يجب أن يكون أول كاتب وحي على الإطلاق. فقد بدأت كتابة الوحي في مكة.
صراع قريش مع الرسول والمسلمين انفجر نهائياً بعد تاريخ كتابة النقش


وهناك من يقول إن ابن سعد آمن قبل صلح الحديبية ثم هاجر إلى مكة وكتب للرسول. والنقش ينقض هذا القول نهائياً. كما أن الأخبار عن أنه أول من كتب للرسول تنقضه أيضاً.
لكن المشكلة أنّ وقت ميلاد عبد الله غير مؤكد. فهناك من أخبرنا أنه ولد في عام 23 قبل الهجرة، أي عملياً بين عامَي 599-600 ميلادية. لكن هذا يقتضي أنه كان غلاماً بين الرابعة عشرة والخامسة عشرة حين أعلن إسلامه في نقشه. ولو أنه كان غلاماً حين أسلم بالفعل، لجرى التطرق إلى هذا بشكل ما. فالمصادر الإسلامية كانت مشغولة بإيمان الفتيان. فوق ذلك، فكيف يكون أخاً لعثمان في الرضاعة إن كان الفارق بينهما عشر سنوات؟ فعثمان كان في الخامسة والثلاثين حين أسلم. عليه، فالمنطقي أن يكون الرجلان في العمر ذاته تقريباً، أي أنهما معاً كانا في الثلاثينيات من العمر.
أما وفاته فمختلف عليها: «مات سنة ست وثلاثين، أو سبع وخمسين، أو تسع وخمسين» (جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام). ويبدو أن رقمين من هذه الأرقام ينطلقان من الرقم 23. فإذا جمعنا الرقمين 36 و 23، فسوف نحصل على الرقم 59. أي إنه عاش 23 سنة قبل الهجرة و 36 بعدها. بالتالي فهذه الأرقام تكرر، بشكل ما، الفكرة نفسها عن مولد الرجل في عام 23 قبل الهجرة.
على أي حال، فقد ارتد عبد الله بن سعد عن الإسلام لاحقاً، وبعد الهجرة، وبدأ يتقول على الرسول ويخبر أهل مكة أنه كان يحرّف ما يمليه عليه الرسول، وأن الرسول كان يوافق على التحريف. وقد آذى هذا الزعم الرسول إيذاء شديداً جداً، فهو يشكك بمصداقيته ومصداقية وحيه. وهذا ما جعله يضع عبد الله ضمن قائمة من أربعة هدر دمهم عند فتح مكة. لكن عثمان بن عفان هو الذي أنقذه، وما كاد لينجح. ثم (حسن إسلام) عبد الله من جديد بعد ذلك، كما تقول المصادر الإسلامية، وصار شخصية عسكرية وسياسية كبرى في الإسلام، فقد ولّي مصر، وأشير إليه أنه فاتح أفريقيا. وقد اعتزل في ما يبدو أيام الفتنة الكبرى، وأقام في بيته في فلسطين. ولا أنوي أن أطيل الحديث عن قصته المشهورة.

* شاعر وباحث فلسطيني