مرحباًاسمي رنا:
عمري ثلاث عشرة سنة، ابنة شاعرٍ يُعاني من اضطراب الهوس الضاحك، نعيشُ سويّةً، وحيدينِ تقريباً، في منزل يضجّ برائحة الخمر وصوت فيروز ليلاً وعبد الباسط صباحاً، أبي يحبُّ الحياة من طرف واحد منذ سنينٍ طويلةٍ والعزلة أيضاً.
اسمي رنا:
لم أدخل المدرسة؛ لأن أبي يعتقد بأنها مكانٌ للنسيان وللتعرّف على أصدقاء السوء والمعلمين الفاشلين ذوي البطون الكبيرة، هؤلاء الذين لا يعرفون كيف يفتحون النوافذ. يتحدثون كالببغاوات، ولا يتركون لنا فرصة لنقول لهم: أنتم على خطأ.
اسمي رنا:
أعيشُ الآن في قريةٍ صغيرة، لنا جارةٌ تُدعى كامو، السيدة كامو امرأة ثلاثينية طلّقتْ زوجها يوم 10/10/2016 وراحتْ تربّي كلباً أبيض، كلّما شعرتْ بالحاجة إلى شيء ما، جلبهُ لها من أحد منازل الجيران، مرةً عندما كانت تشعرُ بالجوع ذهب إلى بيت أم حبيب وعاد بـ «طنجرة الدولمة».

صورة بانورامية لشنكال (وكالة pukmedia)

وعندما أرادتْ أن تتذكّر عيد زواجها عضّ الكلب أبي وهو في طريق العودة من الحانة، وفي الوقت الذي زار الشرطي السيدة كامو؛ ليبلغها بضرورة الحضور إلى المخفر للتحقيق بسبب عدم دفعها فواتير الماء والكهرباء منذ أربع سنوات، لم يستطع الوصول إلى باب منزلها، فاضطر أن يستعمل مُكبّر صوت (يبدو هذا الكلب شبيهي: أنا أيضاً أكرهُ الشرطة). أتذكّر أيضاً... أراد أحدهم قتل الكلب، حمل مسدساً وراح يبحث عنهُ، كم كان غبياً؟! كان الكلبُ يمضي خلفه ولم ينتبه، واستمرتْ الحال لأشهر عدّة إلى أن سمعنا خبر انتحار رجلٍ برصاصةٍ في الرأس.
نجح الكلبُ في أن يوفّر كل شيء للسيدة كامو حين عجز أبي.
اسمي رنا:
وأودّ عندما أكبرُ أن أعيشَ في منزل ريفي برفقة كلبٍ، الزواج قرار أحمق ومؤسسة فاشلة.
اسمي رنا:
أبي لم يكن صالحاً للزواج، وكذلك للحياة.
بعد سنواتٍ، ستكبرُ هذه الطفلة، ستفتحُ مكتبة بلادٍ بعيدة، وعلى الأغلب ألمانيا، تبيع فيها كتباً عن أعداد المقابر الجماعيّة، وأسماء السبايا الأيزيديّات، والأرامل، وسيرة نادية مراد، وديوان شعرٍ فيه ارتباك لغوي واضح لسعد شفّان، ونفسها أيضاً، للألمان، الألمان يا حبيبتي، لا يهتمون للتاريخ، والمعاناة، والشعر، إنهم وقتيّون جداً لدرجة قد يدفع أحدهم 40$ للمرأة مقابل ليلة واحدة، وينسى نيتشه، لذا أنصحكِ بزيارة طبيبة نسائية خلال هذا الأسبوع.

* شنكال/ العراق