ترجمة: مهدي النفريفي تلك الليلة حلمت ليديا بالبحر. بحر عميق وشفّاف مليء بالمخلوقات البطيئة التي بدت مصنوعة من نفس الضوء الحزين الذي نراه في الشفق. لم تكن ليديا تعرف أين هي لكنها كانت تعلم أن تلك المخلوقات كانت قناديل البحر. أثناء استيقاظها، كانت لا تزال تراهم ينزلقون عبر جدران غرفتها، ثم فكرت في جدتها (دونا جوزفين دي كارمو فيريرا)، المعروفة أيضاً باسم «نيجا فينا»، مفسّرة الأحلام الشهيرة وفقاً للمرأة العجوز. كان الحلم بالبحر مثل الحلم بالموت.
أول شيء رأته عندما فتحت عينيها، كان الوقت على ساعة الحائط الكبيرة: الثانية عشرة وعشرين دقيقة؛ لذلك كانت أنغولا مستقيلة لمدة عشرين دقيقة كما اعتقدت، وتفاجأت عندما وجدت نفسها في ذلك السرير في المنزل القديم في «إنغومبوتاس». ماذا كانت تفعل هنا في وسط لواندا، ماذا كانت تفعل في هذا البلد؟ سؤال لا طائل من ورائه ظلَّ يطاردها يوماً بعد يوم.
لكن، في تلك اللحظة، لأمرٍ ما، كان لما تفعله هناك معنى مختلفٌ.

مارك شاغال: المنظر الأزرق (غْوَاشْ على ورق، 1949)

كان عقلها صافياً ولم تشعر بشيء؛ لا مرارة الخاسر ولا نشوة المنتصر. إنها ليلة الجندب، كما فكرت وهي تتخيل نفسها كطفل حديث الولادة مع فرس النبي كبيراً على صدرها.
عندما كانت صغيرة أخبرتها جاسينتو العجوز بهذا:
- بعد أن ولدت والدتك مباشرة، وعندما نظرت إليك رأيت فرس النبي ضخماً يجلس على صدرك، وبعد ذلك بوقت طويل ذكّرتها الجدة فينا بالحادث وقالت:
- سوف تلتهمك الحياة.
كانت الجدة فينا قد بلغت عامها الخامس والخمسين في ذلك الشهر لكنها كانت لا تزال نضرة ولبقة ورشيقة كما كانت دائماً.
صدقت ليديا كل ما قالته بما في ذلك تنبؤاتها. فكّرت للحظة في إيقاظها وإخبار حلمها، لكنها لم تفعل ذلك، ولم يكن لديها القوة لفعل ذلك. أخذت نفساً عميقاً من عطر Kikombo المشبع بالهواء، وشعرت بأنها أخف وزناً. دخل ضجيج بعيد وغليظ أذنيها. لم تستطع التفرقة بين الأصوات، لكنها عرفت أنها طلقات نارية وانفجارات وصراخ ألم وغضب ونشوة. مليء بالغضب، ولكن لا بد أنه كان هناك أنين حب، وكلاب تنبح، وقلوب تنبض.
فكّرت ليديا في «دي كروز»، فكّرت في الموت، وفكّرت في الحياة خارج النوافذ المغلقة في غرفة نومها. جلست، مدّت يدها إلى طاولة السرير والتقطت دفتراً أسود مستطيلاً يكتب فيه البقّالون مبيعاتهم اليومية بالقلم الرصاص.
كتبت:
الحياة تحدث في الخارج
شطبت الجملة وكتبت:
تكشّفت الحياة الخارجية في تألقها الكامل الخام
ثم وضعت دائرة بين السطرين وأضافت التاريخ:
11 تشرين الأول من عام 1975

* درس العلوم الزراعية في لشبونة. عمل صحافياً في صحيفة «الشعب» اليومية. يُعتبر من أهم الأصوات الأدبية في أنغولا والعالم الناطق بالبرتغالية. يعيش في موزمبيق بعد أن كان ينتقل بين البرتغال وأنغولا والبرازيل. حصل على عدة جوائز منها «جائزة دبلن للأدب» عن روايته «نظرية عامة للنسيان» (2017)، وجائزة الـ «إندبندنت للقصص الأجنبية» عن عمله «كتاب الحرباء» (2006)، و«جائزة إذاعة وتلفزيون البرتغال» عن عمله «الأمة الكريولية» (1977). من أعماله الأخرى: «نساء أبي» و«حجرة تحت الماء».