قرب شرفتي أرى البحرغارقاً في يقظة الصّمت
نابحاً على غيوم تجرح الموج
تأتي مثقلة بالأشجار صوب الْجبال
توم شامبرز ـــ «بحر وحصان» (2005)

والسهوب الناعمة في كساد العشب
والصيادون يدفعون مراكبـهم بعيداً
عن خفق الرايات و اختلاج الرمل
ينقحون المدى بالأغنيات
ويبعثون رسائلهم للمجهول
لا أحد هناك سواي
أرتّب للرمل حدائق من هباء
للرسائل نهراً من نحيب
وللمراكب نشيد الموتى وقد كسّروا قيثارتهم
وأشبعوا الهواء بقذائف من لعنات
والدّيار بذخائر من ذكريات
هذا المدى لن أخذله بالخيبات
لن أسكنه معطوب الأنفاس
لن أبكيه ساعة الغياب
سأعتني بحروبي كما يجب
بهاتفي النّقّال برسائل زرقاء
بصُور العائلة بالأبيض والأسود
بتحايا النساء اللائي يطرقن باب النسيان
ويلتحفن صمت الجدران
وأدعو أعدائي لحفلة الرّحيل
أصدقائي ليشهدوا على أنّي
كنت مواظباً على صقْل الطّريق
المقهى بإقامتي الدائمة نكاية في الفراغ
كنت أُشبِع فنجان قهوتي
و أحرس ليلها وهو بكامل أناقته
كنت عاشقاً لكرسيّي الوحيد الذي ظلّ ينتظرني
الّذي صام عن الفرَح
وانحاز إلى صفّ العُزلة
وماتت أعصابه بنيران عمّال النظافة
و أعلن من أعلى شُرفتي
أنّ البحر مجرّد أكذوبة
أنّ الرّمل ربيب التّراب
أنّ الصّخر جماجم الغرقى
وأنّ الموج صهيل الغيم
أنّ الغيم تأفّف البحر من الأرض
وأنّي معلّق في شجرة الحياة!!!

(2) جَدَاوِلُ تَدِبُّ إِلَى عُزْلَتِهَا:

وأنا أُرتّب للوقت قيامة ثانية
أرى الأغنيات تشذّبها ريح الحروب
وتقطّع أوصال الأهازيج في حناجر الأمّهات
أراها عارية تسبح في آهات القصَب
وتنام على صدر الخراب معطوبة الإيقاع
هنا قمر سافل الضوء... شحيح الحكاية
يتلو طوفان ليل قادم من أقصى المدينة
مثقلاً بأنين الحياة
وسحاب السماء يقذف ناراً على طفولة
جائعة لشمس العائلة
فقيرة لأنفاس الجدران
غارقة في ثلج القبيلة
وأنت يا سادن الموتى
ماذا تقول لنا
والجداول تدبّ إلى عزلتها الأخيرة
تعلك غضاضة التّيه
وتُغنّي للأرض نشيد الغرباء
نادبة حظّ الفأس من الشّجرة!!!
* المغرب