ترك «قوج» طاحونته بين كروم العنب وحقول البطيخ الأحمر في هضاب توبز وكوتيا ثم مضى إلى مدينة كبيرة وبعيدة، لا أحد يعرف اسمها.ثمة تمثال حجري صغير لمريم العذراء في غرفة صغيرة تطل على البئر قرب المحركات الألمانية الضخمة made in Germany .
مالغا [عمر حمدي]: «أشجارُ البتولا ربيعاً» (زيت على قماش، 2013)

وحين يذهب الطحان الكردي لتدخين سيجارة حمراء طويلة، يتأمل البيت الطيني النظيف الذي ظل ينتظر أولاد قوج الذين غادروا إلى المنافي البعيدة في أستراليا أو كندا.
هناك جِرَار فخارية تفوح منها رائحة النبيذ والأغنيات القديمة.
في الصباح الباكر، يحمل الطحان أكياس القمح التي تركتها حصادات جوندير الخضراء خلفها.. بينما آلاف الأرانب البيضاء تركض بين حقول البطيخ الأحمر وتختبئ بين شجيرات دوار الشمس.
وحين يكون وحيداً، يتحدث الطحان الكردي بالسريانية المرصعة بكلمات كردية وأرمينية مع كائنات غير مرئيّة تنصت إليه بشغف..
لغة تعلمها من شعوب جميلة أكلت من قمح هذه البلاد لتهاجر كالطيور إلى بلاد غريبة..
لا بد أن تنبت لنا أجنحة حتى نطير إليهم.
* ألمانيا/سوريا

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا