يناقش «الأعدقاء: إسرائيل ومشيخات الخليج الفارسي» (هيرست أند كومباني ـ 2020) بقلم صحافيين من كيان العدو هما كليف جون وسيول جوزانسكي، تاريخ العلاقات بين مشيخات الخليج وكيان العدو الصهيوني الاستعماري-الاستيطاني وأشكالها وتطورها تاريخياً اعتماداً على مواد منشورة وعلى أحاديث مغفلة أسماء المشاركين فيها. يورد المؤلفان كثيراً من الأدلة التجريبية لإظهار التنوع الثري لعلاقات «إسرائيل» الثنائية مع أنظمة عربية على نحو عام ومشيخات الخليج تحديداً، وكثير منها الآن نادراً ما يكون مخفياً.

فالإسرائيليون كانوا دائماً قادرين على اختراق النظام العربي كحلفاء ضمنيين لجانب ضد الآخر، وفي بعض الأحيان كانت المساعدة «الإسرائيلية» تُلتمس من بعض الأنظمة أو الحركات قبل فترة طويلة من المشاركة الأكثر وضوحاً بعد منتصف سبعينيات القرن الماضي. مع ذلك، يمكن النظر إلى مدى العلاقات المعاصرة مع مشيخات الخليج على أنها تشكل ما يسمى معالم النظام الإقليمي الجديد. فغياب علاقات دبلوماسية رسمية بين مشيخات الخليج و«إسرائيل»، لا يعني أن إطار التعاون ليس واضحاً. لقد أثبتت تلك المشيخات أنها أكثر انفتاحاً في استعدادها الواضح لاحتضان تل أبيب.
اعتمد الكتاب على أحاديث هامسة وسط الأصوات المرتفعة للندوات الأكاديمية أو المحادثات السرية التي عقدت في زاوية هادئة من مقهى أو ردهة فندق، ولا سيما في مشيخات الخليج، دوماً وفق الكاتبين اللذين يقولان إن العلاقات بين الأطراف ذوي الصلة ينظر إليها ضمن تعريف البناء الأساس لما يسميانه «النظم الأمنية الضمنية»، وهو ينطبق على «إسرائيل» ومشيخات الخليج الفارسي، ويتم تعريفه على النحو التالي:
1) لا تحتاج المسافة الجغرافية إلى تحديد نطاق وسائط التبادل وكثافتها، ذلك أن المصالح الأمنية والاقتصادية أصبحت مجتمعة تشكل نطاق التفاعل ومستواه بين «إسرائيل» ومشيخات خليجية.
2) إن النظام نفسه وظيفة تصوّر مشترك للتهديد [أي إيران] وليس موجهاً أساساً نحو إدارة العلاقات بين الدول نفسها، لكنه يخفف من حدة المنافسة الزائدة لضمان تحقيق الهدف الأساس أي مواجهة إيران.
3) من خلال هذا النظام الأمني الضمني، تعترف الجهات الفاعلة المعنية بالعوامل الفكرية وحتى العاطفية المستمدة من الشرعية المحلية التي تقيد التحركات نحو علاقات أكثر وثوقاً.
4) العلاقة الحميمة للنظام تعكس تصورات ذاتية تحيط بالتزام القوى العظمى، ولا سيما الولايات المتحدة، بأمن الجهات الفاعلة المعنية.
الإمارات استعانت بالتطور التكنولوجي لدى الكيان العبري


5) وسائل التبادل الأخرى وأساليبها تشكل علامة على العلاقات بين المتعادين السابقين ليس أقلها في مجالات المصالح التجارية والتجارية المتبادلة. يمكن تصور طبيعة العلاقات وتنوعها على أنها استخدام «إسرائيل» للقوة «الفنية» اللينة لتحقيق مكاسب دبلوماسية صعبة. فالتفوّق التكنولوجي لإسرائيل في مجال الأمن السيبراني يحظى بتقدير كبير من العديد من المشيخات الخليجية، وفي مقدمتها الإمارات العربية، وقد تمّ دمجها في أنظمة المراقبة المصمّمة لتعزيز الأمن الداخلي.
6) هذا النظام يسمح بتبادل إشارات مفتوحة لكن خفية، قد تؤدي إلى قبول الجمهور بمرور الوقت لإجراء المزيد من الحوار الموضوعي وتبادل السلع الاستراتيجية والسياسية. هذا يسمح للنظام بتغيير واعتماد كما يملي سياق التفكير: إنه ليس ثابتاً.
الكاتبان خصّصا المقدمة (إطار للتحليل: أنظمة الأمن الضمني) لتقديم الإطار النظري لتلك العلاقات.
الفصل الأول (علاقات إسرائيل مع ممالك الخليج: التاريخ والسياق) يستعرض على نحو موجز تاريخ التفاعل الإسرائيلي مع مشيخات الخليج وكيفية تأثير قضايا فلسطين وإيران والعلاقات الأوسع التي ربطت بها الأطراف الفاعلة مع واشنطن على أنماط العلاقات على مدار عدة عقود.
الفصل الثاني (إسرائيل والخليج الأدنى: دبلوماسية الدولة الصغيرة) يقدم تحليلاً أكثر تفصيلاً حول كيفية قيام كيان العدو بعد توقيع اتفاقيات أوسلو في عام 1993 بتطوير علاقات مفتوحة مع ما يمكن تسميته مشيخات الخليج الأدنى.
الفصل الثالث (أكثر من مجموع الأجزاء – العلاقات الإسرائيلية-السعودية) مخصّص لعرض علاقات «إسرائيل» بالمملكة السعودية، ويستكشف كيف أصبحت مثل هذه الروابط «شرعية» من خلال ما يمكن أن يطلق عليه «مشاركة ممارس أكاديمي» أو «ممارس سابق»، لكن بنفس القدر كيف يظل تقدم هذه العلاقة خاضعاً لقيود تفكير تواجه كلا الممثلين.
أما الفصلان الرابع والخامس فمخصّصان للحديث في «مبيعات الأسلحة والمسألة النووية» و«محدودية التواطؤ في الحرب الأهلية السورية» على التوالي.

Fraternal Enemies: Israel and the Gulf monarchies. HURST & COMPANY, LONDON 2020. 312 pages