لستُ من متابعي القنوات التلفزيونية العربية (وغير العربية أيضاً)، لذلك لا أدري مدى معرفة القراء بغريتا ثونبرغ، إلا أن إشارة صحيفة «الأخبار» (عدد رقم 3977 الصادر يوم الثلاثاء 11 شباط/ فبراير 2020) إليها، شجّعني على عرض كتاب «تصنيع غرِيتا ثونبرغ» لكوري مورننغستار. تلك الفتاة السويدية بدأت حركتها لإنقاذ البيئة وأعلنت الإضراب عن الذهاب إلى المدرسة حتى يتحرك العالم لإنقاذ الكرة الأرضية مما تراه خطراً على وجود البشرية. حركتها كسبت دعوات كثيرة والتقت بالعديد من السياسيين المؤثرين عالمياً وحازت تأييدهم.

تقول الكاتبة، وهي صحافية استقصائية تقيم في كندا وكتاباتها تركز على الانهيار البيئي، إن مؤلفها يسعى إلى الكشف عن القوى التي تلعب وراء الكواليس العائدة إلى أولئك الأشخاص الذين يسعون إلى استخدام حالات الطوارئ المناخية لزيادة ترسيخ آرائهم، وهم رأس المال والشركات والأرباح الشخصية، وجعل الطبيعة مصدراً لدرّ المال. توضح الكاتبة كيف يتم التلاعب بنا من خلال مخاوفنا على الأرض والبيئة والتنوع الحياتي لدعم جداول أعمال أولئك الذين يرغبون في مواصلة الربح بأي ثمن، أي القوى نفسها التي أحدثت الدمار في المقام الأول حيث تستخدمه الآن على نحو انتقائي للغاية كابتزاز عاطفي لإقناعنا بطريقة ما بأنهم سيكونون هم الذين ينقذون البشرية وكوكبنا.
تقول الكاتبة إن ظاهرة غريتا، وجه الأطفال وحركة الشباب لوقف تغير المناخ، تمت إعادة صياغتها من أجل الاستهلاك العام وتم طرحها على المستوى الدولي، ووظفت هذه الصبية ومنبرها العالمي لدقّ ناقوس الخطر حيث لا تشير جملة واحدة من الاستراتيجية الجديدة إلى التأثير المروع للعسكرية في تغير المناخ. إن الاقتصاد المناخي الجديد الذي تم دفعه من قبل مجموعات مثل «انقراض التمرد»، يعيد تغليف قهرنا في وضع الطوارئ، ليصبح هذا الإلحاح عالمياً كي تقوم الحكومات والمنظمات غير الحكومية والشركات بتوجيه التمويل الفوري نحو فتح تريليونات من رأس المال اللازم لإنقاذ الرأسمالية عن طريق تمويل الإمبريالية الخضراء الجديدة. يتم استخدام شباب اليوم وصهرهم في حلول السوق لعزل النخبة العالمية. يسعى النشاط الذي يرعاه المشاهير إلى بناء صناعة جديدة تتعاون فيها المنظمات غير الحكومية والإعلام وقوى الشركات لحمل الناس على دعم الصناعات ذاتها التي يجب أن نزيلها من الكوكب. يقف أقوى الرأسماليين في الكوكب وراء هذه الحركات «التي يقودها الشباب» من أجل تغير المناخ، ما يساعد في الحصول على موافقة على «الثورة الصناعية الرابعة» في محاولة لإخماد المقاومة للحضارة الصناعية.
الإمارات استعانت بالتطور التكنولوجي لدى الكيان العبري


الفصل الأول يكشف أن غرِيتا ثونبرغ «المعجزة الحالية للطفولة ووجه حركة الشباب لمكافحة تغير المناخ» عملت مستشارة خاصة للشباب وأمينة للمؤسسة التي أنشأتها «لم يعد لدينا وقت» وكشفت الطموحات وراء شركة التكنولوجيا هذه. في الفصل الثاني، توضح الكاتبة أن شباب اليوم هم حملان التضحية العائدة للنخبة الحاكمة، وتقدم أعضاء مجلس الإدارة والمستشارين لمؤسستها، وتستكشف قياداتها والشراكة بين الكيانات البيئية للشركات المترسّخة ومنها «مشروع آل غور لواقع المناخ»، و350.org، و«أفاز»، و«غلوبال أتمننغ»، و«التحدي العالمي» والبنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي.
تعالج الكاتبة في الفصل الثالث كيف أن آل غور وأقوى الرأسماليين في العالم يقفون وراء حركات الشباب المصنّعة اليوم وسبب ذلك، كما توضح العلاقة بين حركة الصبية السويدية ومجموعة من المؤسسات الرأسمالية مثل Our Revolution, the Sanders Institute, This Is Zero Hour, the Sunrise Movement and the Green New Deal. في الوقت نفسه، تتطرق الكاتبة إلى عائلة ثونبرغ الشهيرة وإلى والدتها الشهيرة ملينا إرنمن الفائزة بجائزة «الصندوق العالمي للحياة البرية»، وإلى إطلاق مؤلفها في آب (أغسطس) 2018 وتستكشف الاهتمام الإعلامي السخي الذي حظيت به ثونبرغ في شهرَي نيسان (أبريل) وأيار (مايو) 2018 من SvD، وهي إحدى أكبر الصحف السويدية.
تقول الكاتبة إنها تفحّصت في الفصل الرابع الحملة الحالية التي تتكشف الآن عن «توجيه الجمهور إلى وضع الطوارئ».
الفصل الخامس يلقي نظرة فاحصة على الصفقة الجديدة الخضراء، ويستكشف «البيانات من أجل التقدم» واستهداف الشابات باعتباره «أنثغرافيا ‹femographic» رئيس. كما قامت الكاتبة بربط المهندس الرئيس ومؤلفي بيانات «الصفقة الجديدة الخضراء» بمعهد الموارد العالمية world resources institute. ومن ثم تنتقل إلى كشف روابط كل من Business & Sustainable Development Commission, the Global Commission on the Economy and Climate and the New Climate Economy مع مشروع من معهد الموارد العالمية. لقد كشفت عن الخيط المشترك بين هذه المجموعات وتخصيص الأموال للطبيعة التي يمثلها تحالف رأس المال الطبيعي والمجمع الصناعي غير الربحي ككيان. أخيراً، تكشف عن الكيفية التي توّجت بها هذه العملية في تنفيذ مدفوعات خدمات النظام الإيكولوجي (تمويل الطبيعة وخصخصتها على نطاق عالمي) «المتوقّع اعتمادها خلال الاجتماع الخامس عشر في بكين في عام 2020».
في الفصل السادس والأخير، تنهي الكاتبة السلسلة بتوضيح أن الأسس التي موّلت «حركة» المناخ على مدار العقد الماضي هي نفسها التي أصبحت الآن شريكاً في شراكة تمويل المناخ التي تتطلع إلى ضخّ مئة ألف مليار دولار. كما تكشف عن هويات الأفراد والجماعات على رأس هذه الصفوف المتشابكة والمتحكّمة في كل من الوسط والرسالة.

The Manufacturing of Greta Thunberg. Books on Demand; 1 edition 2019