بعد قرن على رحيله، أُعلن أخيراً عن موعد نشر تسع قصص ونصوص أدبيّة غير منشورة للكاتب والروائي الفرنسي مارسيل بروست (1871 ــــ 1922)، تغطي فترة مبكرة من الرحلة الأدبية لصاحب «البحث عن الزمن الضائع» (ستصدر ترجمتها العربية عن «منشورات الجمل» قريباً). القصص والروايات القصيرة التي كتبها بروست في العشرينيات من عمره، كان قد استبعدها عن كتابه Plaisirs et les Jours الذي صدر عام 1896، لأسباب لا تزال مجهولة.

رغم غياب الأسباب الحقيقية، وتكتّم بروست طوال حياته على هذه القصص، فإن عدداً من المتخصصين في أدبه رجّحوا احتمال خوفه من إثارة سخط المجتمع المحافظ وصالونات باريس الأدبية حينها، ولو أن علاقاته مع الشبان كانت معلنة. إذ تحمل القصص والروايات القصيرة (نوفيلا) جرأة كبيرة في تناول ثيمات الحب، والحب المثلي تحديداً، ما كان سيثير حفيظة الناشرين على الأغلب، خصوصاً أن لدى الكاتب الذي أحدث ثورة في الرواية بداية القرن العشرين، تجارب مريرة سابقة مع الناشرين، تحديداً حين أرسل مخطوطته «البحث عن الزمن الضائع» إلى «المجلة الفرنسية الجديدة» (دار غاليمار لاحقاً)، ورفض أندريه جيد نشرها بسبب بطئها واستفاضتها بالسرد والتفاصيل. القصص التي تتناول المثلية الجنسية بأسلوب تراجيدي وسوداوي أحياناً، تظهر البراعة والموهبة المبكرتين للروائي الفرنسي، من خلال استعاراته الأدبية، ورؤاه الكوميدية الساخرة، وانفتاح أسلوبه الكتابي على الحكايات الفانتازية التي تضمّن بعضها حوارات مع الموتى. وكان قد عثر عليها في الخمسينيات المتخصّص في أدب بروست والناشر الفرنسي الراحل بيرنار دو فالوا، والذي كان قد عثر سابقاً على مخطوطات أخرى ضائعة لبروست، أبرزها رواية «جان سانتويّ» التي نشرت عام 1952، بالإضافة إلى اكتشافه كتاباً غير مكتمل يضمّ مجموعة من مقالاته. لكن الإعلان عن هذه اللقى الأدبية لم يتم إلا أخيراً، حيث حدّدت «دار دو فالوا» تشرين الأول (أوكتوبر) موعداً لنشر القصص التسع تحت عنوان Le Mystérieux Correspondant. علماً أنه في هذه السنة، تمكنّا من الدخول إلى العالم الشخصي لبروست، وإلى علاقاته وتفاصيل حياته اليومية من خلال كتاب «رسائل مارسيل بروست» الذي صدر عن «دار الرافدين».