مفاجآت كثيرة حملها الإعلان عن اللائحة القصيرة لجائزة «مان بوكر» أمس. يمكن اختصار القائمة كالآتي: أربع نساء من بينهن أصغر مرشّحة في تاريخ الجائزة البريطانية العريقة، وكاتبان أميركيان يقتربان مما ناله مواطناهما بول بيتي وجورج ساندرز في الدورتين السابقتين. يبدو أن الفوز الأميركي المتتالي أثار سخط كتّاب وثلاثين دار نشر بريطانية دعوا القائمين على الجائزة للعودة أدراجها إلى داخل الحدود، كما لو أنهم تلقوا عدوى «البريكسيت» التي أصابت البلاد. اضطر رئيس لجنة التحكيم الكاتب والفيلسوف البريطاني الغاني كوامي أنطوني أبيا إلى الردّ عليهم بأن من يقرأ أدباً لا يسأل الكتّاب عن جوازات سفرهم. وفيما تذمّرت لجنة التحكيم (مؤلّفة من كاتب التشويق الاسكوتلندي فال ماكدرميد، والناقد ليو روبسون والكاتبة النسوية جاكلين روز والروائية ليان شابتون) في السابق من الاستفاضة والأحجام الطويلة للمؤلّفات الـ 171 التي تقدّمت إلى الجائزة، وقع الاختيار أخيراً على ستّ روايات يجمعها الابتكار الأسلوبي واللغوي حول «كائنات تتقاسم هذا الكوكب في ظلّ تحديات القلق والمعاناة والألم» كما قال أبيا، مضيفاً أننا «نعيش في زمن قاتم»، أو «على الأقل هذا ما يعتقده الروائيون» الذين سيعلن عن فوز أحدهم في 16 تشرين الأوّل (أكتوبر) في لندن.
ديزي جونسون أصغر المرشحات في تاريخ الجائزة

الأنظار تتوجّه هذه السنة إلى أصغر المرشحات في تاريخ الجائزة الروائية البريطانية ديزي جونسون (1990) التي وصلت إلى القائمة عن روايتها «كلّ شيء تحت» (Everything Under) حول علاقة شائكة لأم بابنتها تعيشان في بريطانيا، لكنها مشبعة بتأثيرات الميثولوجيا الإغريقيّة. من المملكة المتحدّة أيضاً، ترشّحت الروائيّة الإيرلنديّة آنا بيرنز عن «بائع الحليب»، وفيها تستعيد تاريخ بلادها الدموي بعين فتاة في الثامنة عشرة من عمرها. الشاعر الاسكتلندي روبن روبرتسون الذي يخوض التجربة الروائية للمرّة الأولى في Long Take The، حافظ على المناخات الشعرية الميلانكولية في تتبع محارب قديم شارك في إنزال النورماندي، وتجواله خلال سنوات ذروة هوليوود بعد الحرب العالمية الثانية. من أميركا وصلت راشل كشنر عن روايتها «غرفة مارس» التي تحمل اسم ناد ليلي للتعرّي تعمل فيه البطلة رومي. لا تهيئ الكاتبة الأميركية قرّاءها ولا ترأف بهم، قبل إنزالهم إلى القعر الأميركي من خلال السجون وعالم الإدمان والدعارة التي تضع فيه بطلاتها في محاولة لإعطاء تصور عن مأساة أن تكون امرأة وفقيرة في أميركا المعاصرة. أما الأميركي الآخر ريتشارد بورز، فينشغل بالأزمات البيئية والتغيّر المناخي في روايته The Overstory. ضمن حبكة ذكيّة ومحكمة، تتلاقى الحيوات المتباعدة لتسعة أميركيين منهم ناشطون راديكاليون ومصوّر فوتوغرافي ومحام وأطفال مهاجرون تربطهم علاقات مع الشجر والغابات، لكنه يذهب أبعد من ذلك في التوقف عند تواريخ سياسية؛ أبرزها حرب الفيتنام. ومن كندا، تصل الكاتبة الغانية الأصل إسي إدوجيان للمرّة الثانية إلى القائمة القصيرة مع روايتها Washington Black، التي تقوم على تناقض وثنائية الأفكار والأحداث التاريخية من جهة، والتجربة الحسيّة والشعوريّة لرعب العبوديّة من خلال قصّة هروب طفل من أحد حقول جزيرة باربادوس التي كانت العاصمة البريطانية للتجارة بالأفارقة.