وشم الحجر
يدمع قلبي قبل العين
على درج حجري
عتيق كوشم على ضلع التاريخ
حين يعلوه جندي بجزمته البشعة
ليفتح الطريق لسلطان
لا تشوّش خططه حجارة غائرة في جبل منذ ألفْ.
لكنْ سرعان ما أفطن:
هذا العتيق كوشم في التاريخ
حفره كادحون تحت حراب الجند
لسلطان ذلك الوقت الندبة في خاصرة التاريخ.

البشر أبقى من الحجر، نقول،
لكنه أنظف منهم: الجند والحراب والسلاطين
مع أنهم لم يكفوا أمس
ولا اليوم
عن تلطيخه بجزماتهم البشعة.
وحدها هذه النحلة الكادحة التي تطنّ
على بتلات وردة حمراء
منزرعة في ضفاف درج الحجر
تعيد الأمور الى نصابها.

دم على ورق

جُمل الأيدولوجيا الصارمة تُغتصب أحياناً
مُفسحةً مكاناً رحباً لمكانة السلطان
لأن هذا يلبي للحشد الطيّب
رغباته من سيناريو التطوّر المأمول
كما وصفه له رواة الطوابق العليا
تلك التي أضيفت
فوق ما كان مرة
مجرد بيت أرضي دافئ محاط بحَبق وبصل
قبل أن يصبح للأيدولوجيا
سلطان ورواة
وقبل أن يصبح الأهل حشداً
وقبل أن تتقلّص صورة الحياة
الى بورتريه السلطان
حَدّ التماع ذهب الشمس خلف شعره الملتمع
وقبل أن تروح فكرة شقية تزاحم وتتسلل
وتجرح طرف الصورة فيتّسع المشهد
على أن البورتريه مدقوق بمسامير صدئة
على أجساد ميتة سوداء الدم
كان يبدو لا بد من تشذيب أرواحها
لتظلّ السرديّة واقفة على رجليها
قادرة على حمل الطوابق العليا
الحاملة السلطان وروايته ورواته
وقبل أن يتمتم أحد الرواة برعب:
الآن فقط أدرك
إلى أيّ عمق أغوص في دماء هذي الجريمة.

قلبٌ حديد

لا أتمنى لهذا الشاب سوى الخير
أتخيله يعيش مع امرأة وطفلين
يحبهم ويحبونه
يتبادلون الكلام واللعب
وبعض الغضب العابر أحياناً بابتسامة واحدة.
يعمل الشاب بانتظام وتعب وضغوط هائلة
وزوجته تعمل مثله وفي البيت أكثر
يفرح لانتظار طفليه الرحلة
وزيارة الجدّين
وشاطئ البحر
وجلسة المطعم الصاخبة في نهايات الأسابيع.
يميل القلب إليهم حين تعصف بهم وعكة
أو دَينٌ لا يقدرون على سداده
وينفرج الصدر حين تُفرج عليهم
لكن حين يرتدي الزوج الوالد بزته العسكرية
ويكسر في ساعات الدوام الرسمية
ذراع فتاة تحمل بيدها لافتة
عليها كلمة صغيرة: عدالة
وبحنجرتها تصدح تصرخ تصدُق
بكلمة أصغر: حريّة
يتقلّص العالم بحجم غصّة غضب
لا يبقى فيه متسعٌ لخير
تتمناه لهذا الشاب الذي
يعيش مع امرأة وطفلين
يحبهم ويحبونه
يتبادلون الكلام واللعب
ويكسر الأيدي في ساعات الدوام الرسمية.
* شاعر فلسطيني