بغداد | كشفت مصادر حكومية عراقية، لـ«الأخبار»، أن ثمة اجتماعاً مرتقباً ترعاه بغداد هذا الشهر أو مطلع الشهر المقبل، ويضم مسؤولين سوريين وأتراكاً، في إطار وساطة يقوم بها رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لمحاولة ترميم العلاقات بين دمشق وأنقرة.وكان السوداني قد كشف، في وقت سابق، أن حكومته تعمل على المصالحة بين البلدين، مؤكداً أنه على اتصال مع الرئيس السوري، بشار الأسد، وكذلك الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشأن جهود حل الخلافات. وسبق أن حاولت أطراف إقليمية ودولية عدة معالجة الأزمة السورية - التركية، إلا أن جميعها باءت بالفشل، بما فيها تلك الروسية. وتعزّزت الجهود العراقية في هذا الإطار بعد زيارة السوداني إلى دمشق قبل عام، كأول رئيس وزراء عراقي يزورها منذ 13 عاماً، وكذلك بعد زيارة إردوغان إلى العراق في منتصف نيسان الماضي. وخلال الأسبوع الفائت، أجرى السوداني اتصالاً هاتفياً بالأسد لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة التنسيق الأمني في مواجهة أخطار الإرهاب، والتحديات الأمنية الأخرى، وفقاً لما أكده بيان حكومي، مضيفاً أن رئيس الوزراء أجرى اتصالات هاتفية مع مسؤولين أتراك لبحث التعاون المشترك بين البلدين من جهة، وإتمام التطبيع بين تركيا وسوريا من جهة ثانية، عبر جلسات حوار مشتركة في بغداد.
وفي هذا الصدد، يقول مصدر حكومي مقرّب من السوداني، لـ«الأخبار»، إنّ «العراق قطع أشواطاً مهمة في تقريب المسافة بين أنقرة ودمشق، وعقْد مصالحة بينهما وإنهاء الخلافات بشكل جذري». ويكشف أنّه «خلال شهر حزيران أو بداية تموز ستشهد بغداد اجتماعاً بين مسؤولين سوريين وأتراك، وقد يحضر مسؤولون روس، للجلوس على طاولة حوار واحدة، كمحاولة لإعادة العلاقات إلى مجاريها». ويلفت المصدر إلى أن «الوساطة العراقية تنطلق من مصلحة الجميع، ولا سيما العراق، من ناحية ضبط الأمن والتنسيق بين الدول المجاورة على الصعد كافة. وهذا يعني أنه في حال نجحت المبادرة، فستنعكس إيجاباً على دول المنطقة». ويتابع أنّ «السوداني وفريقه ومستشاريه كانوا يعملون طوال المدة الماضية على هذا الموضوع، لغرض التنسيق. وكانت النتائج جيدة. نسعى إلى جمع الأطراف لتطبيع العلاقات التي شهدت تصعيداً مؤخراً، وخاصة بعد دخول الجيش التركي إلى سوريا ووصوله حدود العراق، وكذلك هناك مجموعات في سوريا ضد تركيا».
العراق قطع أشواطاً مهمة في تقريب المسافة بين أنقرة ودمشق


وبدوره، يشيد عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، عامر الفائز، بالمساعي الحكومية إلى إظهار تأثير العراق الإيجابي على أصدقائه وجيرانه من دول المنطقة. ويرى، في تصريح إلى «الأخبار»، أنّ «حكومة السوداني نجحت بشكل غير مسبوق في إدارة الوساطات بين الدول المختلفة ولا سيما إيران والسعودية، وكذلك حالياً بين دول أخرى كتركيا وسوريا. وهذا يعزّز دور العراق وإسهاماته في خلق الحياد بعيداً عن الصراع». ويؤكد أنّ «بغداد أصبحت الراعية لكل جيرانها، من أجل مصالحتهم وحل نزاعاتهم وتقديم المساعدة للجميع من دون محاباة دولة ضد دولة أخرى».
أما أستاذ العلاقات الدولية، علي الشمري، فيرجح أنّ «بغداد ستنجح في جمع البلدين على طاولة واحدة وتصفية جزء من الخلافات، وليس الخلافات كلها، لأنها عميقة ومتشعبة ومرتبطة ليس فقط بالدولتين وإنما هناك دول أخرى مشترِكة في ذلك». ويشير إلى أنّ «سوريا ما زالت تصرّ على إخراج القوات التركية من أراضيها، لكن الأخيرة أيضاً مصرّة على عدم الخروج بحجّة الخوف على أمنها القومي من قوات سوريا الديموقراطية. فالملف الأمني لدى البلدين قد يبقى عامل تهديد لهما، وهذا ما يقلّل من فرص نجاح المصالحة في مثل هذا التوقيت». ويضيف أنّ «هناك أطرافاً دولية في المعادلة تتمثّل في روسيا وإيران ودعمهما للنظام السوري والرئيس بشار الأسد، والولايات المتحدة الأميركية الداعمة لقوات قسد، ما يعني أن القرار لا يتعلق بالدولتين وإنما يحتاج إلى جولات حوار مطولة». ويعتقد أنّ «العراق يرعى الوساطة في سبيل الحفاظ على أمنه وحدوده المهدّدة من الدولتين دائماً، من ناحية الإرهاب والعمليات العسكرية التركية. ويسعى السوداني إلى تحقيق استقرار الأمن وضبط الحدود من المخاطر عبر تلك الخطوة».