لا يكنّ ساسة العراق ودّاً لنظرائهم في «إقليم كردستان». ثمّة كره متبادل مغطّى باحترام مزيّف. يترقّب كلّ من الطرفين الفرص لضرب خصمه وإيلامه. في إحصاء سريع، يتبيّن أن عدد المواجهات البينية، السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية، في السنوات التي أعقبت سقوط مدينة الموصل بيد «تنظيم داعش» في حزيران/ يونيو 2014، فاق الـ100. أخيراً، لم يفوّت ساسة أربيل والسليمانية فرصة استثمار حراك تشرين/ أكتوبر 2019 للضغط على ساسة بغداد، والظفر بالمزيد من المكتسبات، عدا دخولهم طرفاً في «لعبة الموت». فهؤلاء، لم ينسوا صفعة تشرين الأول/ أكتوبر 2017، يوم أعادت بغداد محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها والمنافذ الحدودية إلى قبضتها بعملية عسكرية واسعة، ردّاً على خطوة مسعود بارزاني الانفصالية. أمّا في بغداد، فقد كان أشبه بحلم أن يخرج الشارع الكردي في تظاهرات ضدّ الثنائي الحاكم في الشمال. لكن اليوم، ومنذ الأول من شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، باتت الصورة مغايرة: ثمّة غضب على حكم العوائل (بارزاني وطالباني)، الذي اتخذ المحاصصة في موارد «الإقليم» نهجاً. حكومة مسرور بارزاني عاجزة عن تأمين رواتب موظّفيها للشهر السابع على التوالي، والسبب كما تقول رفض بغداد منحها مستحقاتها من الموازنة الاتحادية. في المقابل، تقول بغداد: أَوفوا بالتزاماتكم نُوفِ بالتزاماتنا، على قاعدة دفع أربيل 50 بالمائة من واردات المنافذ الحدودية و259 ألف برميل نفط يومياً عبر «سومو» (الشركة الوطنية للنفط). لكن أربيل لديها ما يكفيها من المشاكل مع الشركات النفطية من جهة، واتفاقها مع أنقرة والعقد المبرم معها لمدّة 50 عاماً من جهة أخرى. فحكومة «الإقليم» رهنت نفطه منذ عام 2013 لتركيا، وحصّلت مسبقاً «فواتير» حتى عام 2024. إزاء ما يجري، يمكن تسجيل جملة ملاحظات كالآتي:1- الصمت المتعمّد أمام ما يجري في «كردستان»، وكأنّ الأقلام تجفّ عند أسواره، كما عبّر أحد الإعلاميين العراقيين. 2- توجيه ساسة العراق – كعادتهم - رسائل كثيرة إلى خصومهم في «الشمال»، في ردّ على تدخل الساسة «الأكراد» في حراك تشرين 2019.
3- إبقاء الباب مفتوحاً للتسويات السياسية في اللحظات الأخيرة، في خطوة تمهيدية لأيّ تحالف محتمل في الانتخابات التشريعية المبكرة (حزيران/ يونيو 2021).
4- تخوّف جدّي متبادل من أن تمتدّ هذه التحرّكات لتشمل رقعاً أكبر على الخارطة العراقية


اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا