يتجه البرلمان اليوناني لإقرار القوانين المتعلقة ببرنامج القروض الثالث وشروطه التي يفرضها الدائنون، وذلك قبل أن يحدد وزراء مال منطقة اليورو اليوم موقفهم من البرنامج، في اجتماعهم في بروكسل. ويواجه حزب "سيريزا" الحاكم انقسامات في صفوفه، قد تتحول إلى انشقاقات، مع تشكل كتل من المحازبين المعارضين لشروط الدائنين، استعداداً للانتخابات التشريعية المبكرة التي يُتوقع إجراؤها في الخريف المقبل.
وناقشت أمس اللجان النيابية في البرلمان اليوناني بنود الاتفاق مع الجهات الدائنة، تحضيراً لطرح الاتفاق للتصويت ليل أمس. "اسألوا أي شخص يعرف الوضع المالي لليونان، وسيخبركم أنه لا يمكن تطبيق الاتفاقية"، قال وزير المال اليوناني السابق، يانيس فاروفاكيس، مؤكداً أنه لا أفق لانتشال برنامج القروض الجديد اليونان من أزمتها. وبحسب فاروفاكيس، فإن وزير المال الألماني كان قد عبّر عن الفكرة نفسها أمام برلمان بلاده. لكن وزير المال اليوناني، اقليدس تساكالوتوس، حث النواب على ضرورة الالتزام بالتصويت للبرنامج، تفادياً لتكرار عجز المالية العامة عن سداد مستحقات دائنيها، أي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وتسعى أثينا إلى إبرام اتفاق مع الدائنين يفرج بموجبه الأخيرون عن شريحة أولى من القروض الجديدة، تتراوح قيمتها ما بين 20 و25 مليار يورو، وذلك كي تتمكن من سداد دين للبنك المركزي الأوروبي بقيمة 3.4 مليارات يورو، يستحق أجله في 20 من الشهر الجاري، وكذلك لتزويد المصارف اليونانية بـ10 مليارات يورو "فورا"، بغرض "إعادة رسملتها". وبحسب تساكالوتوس، فإن إفراج الدائنين عن شريحة من القروض الجديدة هو مسألة ضرورية لسداد المليارات من المتأخرات التي تراكمت على المالية العامة خلال الأشهر الماضية.

ويعتمد رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبراس، على 106 من أصوات أحزاب المعارضة الرئيسية لتمرير مشاريع القوانين التي يشترطها الدائنون، والتي تجمع بين قانون الموازنة العامة وما يُسمى "الإصلاحات الهيكلية". وذلك لأن تسيبراس، زعيم حزب "سيريزا"، كان قد خسر غالبيته البرلمانية، بعد قراره الرضوخ لشروط الدائنين، حتى بعد الـ"لا" المدوية التي أطلقها اليونانيون في استفتاء عام حول هذه الشروط. وبات حصول انشقاقات في "سيريزا" أمراً مرجحاً، وخصوصاً أن المعارضين لسياسة تسيبراس الجديدة في صفوف الحزب بدأوا حملة من أجل تشكيل كتلة خاصة بهم، وذلك استعداداً للمشاركة في انتخابات تشريعية مبكرة يُرجح تنظيمها في الخريف المقبل. وفي هذا الإطار، دعا وزير الطاقة السابق، بنايوتيس لفازانيس، يوم الثلاثاء الماضي، إلى "تشكيل حركة كبيرة... لمعارضة هذه المذكرة الجديدة والتقشف ووضع البلاد تحت الوصاية". أما رئيسة البرلمان، زو كونستانتوبولو، وهي من قيادات "سيريزا" أيضاً، فترفض اعتبار الخطة المتعلقة ببرنامج القروض الجديد "اتفاقاً"، وذلك بسبب "الابتزاز" الذي يمارسه الدائنون عبرها. ولا تقتصر هذه الرؤية على بعض قياديي "سيريزا" ورموز الحكومة الأولى لتسيبراس، إذ ترافق نقاش البرلمان لبرنامج القروض الجديد مع تظاهرات نظمتها قوى نقابية وحزبية، رافضة الإذعان لشروط الدائنين.

وفي الوقت نفسه حين تنقسم اليونان حول مسألة الرضوخ لشروط الدائنين، والتي كان قد رفضها رصيد حزب "سيريزا" الذي أوصله إلى سدة الحكم مطلع العام الجاري، لا يزال لألمانيا، كبرى الدول الدائنة، تحفظات على برنامج القروض الجديد، وهي قالت إنها ستثير "أسئلة" حوله خلال اجتماع وزراء مال اليورو اليوم. وبحسب ما أعلن وزير الدولة في وزارة المال الألمانية، ينس سباهن، يوم أمس، فإن باريس وبرلين تريدان "توضيحات أكثر" حول برنامج الخصخصة اليوناني، قبل إعلان موقفهما من البرنامج. والجدير ذكره هنا أن اليونان وقّعت أخيراً على مذكرة تفاهم مع دائنيها بشأن برنامج خصخصة سريع يشمل مرافقها العامة الاستراتيجية، كالمطارات والموانئ والشركة العامة للكهرباء. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "بيلد" عن وثيقة صادرة عن وزارة المال الالمانية، تحفظات برلين حيال المشاركة غير المؤكدة لصندوق النقد الدولي في خطة الإنقاذ، فضلاً عن المسألة الأساس، وهي قدرة أثينا على تسديد ديونها، أصلاً. وفي حين أكدت الصحيفة أن ألمانيا، نتيجة لهذه التحفظات، سترفض الاتفاق في اجتماع وزراء المال اليوم، نفى متحدث باسم وزير المال الألماني الأمر.

وفي السياق، أعربت المفوضية الأوروبية عن أملها في أن يدخل برنامج القروض الجديد حيز التنفيذ بحلول 20 آب الجاري، معلنة في الوقت نفسه أنها أعدت الوثائق الضرورية لإعطاء أثينا قرضاً مرحلياً، وذلك في حال طلب وزراء مال منطقة اليورو ذلك، إن لم يتم الاتفاق النهائي حول البرنامج في الوقت الملائم. وفي حال حصول الاتفاق على الضوء الأخضر من مجموعة اليورو، ستعمد برلمانات أوروبية عدة الى التصويت على تسليم اليونان أول شريحة من القروض قبل 20 آب الجاري.

(الأخبار، أ ف ب)