تشكيل قوة رد سريع والإبقاء على «حضور دائم» في شرق أوروبا، هو ما أقرته قمة «حلف شمال الأطلسي»، أمس، رغم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين أوكرانيا والانفصاليين، ما يبقي الأزمة الأوكرانية متأرجحة بين اللين والشدّة، وسط التهديد الأوروبي والغربي باستئناف عقوبات إضافية على روسيا. فقد أعلن، أمس، الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» اندرس فوغ راسموسن، أن الدول الأعضاء في الحلف قررت تشكيل قوّة رد سريع يمكن أن تنشر لبضعة أيام، في حال حدوث أزمة، كذلك قررت الإبقاء على «حضور دائم» في شرق أوروبا.

واتخذت هذه القرارات، التي قدمت خصوصاً باعتبارها رداً على سلوك روسيا في أوكرانيا، من قبل مجلس «الحلف الأطلسي» في قمة نيوبورت (ويلز). وتبنى قادة دول «الحلف» خطة تفاعل سريع تنص على نشر قوات خلال بضعة أيام، في الوقت الذي تحتاج فيه قوة رد الحلف حالياً إلى عدة أسابيع للانتشار.
وفي هذا الإطار، رأى راسموسن القرار الجديد «ترجمة لتضامننا وتصميمنا». وقال إن «إحدى نتائج خطة الرد السريع أن يكون الحلف حاضراً بنحو أوضح في الشرق»، معرباً عن اعتقاده في الوقت ذاته بأن «هذا يبعث برسالة بالغة الوضوح إلى موسكو».
وأضاف: «اتفقنا اليوم على الإبقاء على حضور دائم ونشاط دائم لسلاح الجو والبر والبحر في القسم الشرقي للحلف على أساس التناوب».

ياتسينيوك:
يجب أن تتضمن خطة السلام سحب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية


وفي هذا الوقت، أعلن طرفا النزاع التوصل إلى وقف لإطلاق النار، بعد خمسة أشهر على اندلاعه. وفيما ركزت أوكرانيا على أن خطة السلام يجب أن تشهد انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية، أشار الانفصاليون ـ من جهتهم ـ إلى أنهم ما زالوا يأملون الانفصال عن أوكرانيا.
وقال الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، في بيان نشر على موقعه الرسمي: «آمر قائد القوات المسلّحة الأوكرانية بوقف إطلاق النار ابتداءً من السادسة مساءً». وأعلن بوروشينكو، في وقت سابق على حسابه على موقع «تويتر»، توقيع «بروتوكول تمهيدي» بين كييف والانفصاليين الموالين لروسيا في العاصمة البيلاروسية.
ولكن رئيس وزرائه ارسيني ياتسينيوك، أشار قبل بضع دقائق على توقيع الاتفاق، إلى أن خطة السلام ينبغي أن تتضمن سحب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية، داعياً الغربيين إلى أن يكونوا ضامنين لمثل هذا الاتفاق.
وقال ياتسينيوك: «يتعين إحلال السلام، لكن ليس على أساس خطة عرضها الرئيس الروسي، بل على أساس الخطة التي اقترحها الرئيس الأوكراني والتي ينبغي أن تحظى بدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي». وأضاف: «لن نتمكن من النجاح بمفردنا في مواجهة روسيا»، فـ«نحن بحاجة إلى ضمانات»، بحسب تعبيره.
ورأى ياتسينيوك أن هذه الخطة يجب أن تتضمن «وقفاً لإطلاق النار وسحب القوات الروسية وإعادة السيطرة على الحدود»، لكي تكون فعالة.
من جهتها، أعلنت «جمهورية دونيتسك الشعبية» المعلنة من جانب واحد، في تغريدة على موقع «تويتر»، توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار. وذكرت التغريدة أن «ممثلي أوكرانيا وجمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية في مينسك، وقعوا بروتوكل اتفاق لوقف إطلاق النار ابتداءً من السادسة مساء الجمعة».
ولكن أحد ممثلي «جمهورية لوغانسك الشعبية» إيغور بلوتنيتسكي، أعلن أن الانفصاليين الموالين لروسيا ما زالوا يأملون في الانفصال عن أوكرانيا، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه مع سلطات كييف في مينسك. وقال رئيس وزراء «جمهورية لوغانسك الشعبية» للصحافيين: «نحن على استعداد لوقف إطلاق النار من الجانبين، لكن ذلك لا يعني أننا تخلينا عن (رغبتنا في) الانفصال عن أوكرانيا».
ولكن في موازاة ذلك، استمر الحديث عن إمكانية استئناف العقوبات على روسيا من قبل الأوروبيين والأميركيين. وفيما قال عضو مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين، خلال زيارته كييف الخميس، إنه يتعين فرض «عقوبات ساحقة فعلاً» على روسيا، رأى وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، أن الغرب يجب أن يمضي قدماً في فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب الأزمة في أوكرانيا، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هذه العقوبات يمكن رفعها في حالة التمسك بوقف مقترح لإطلاق النار.
وقال هاموند: «كلنا نأمل وقفاً لإطلاق النار ونهاية لهذا الغزو الروسي المسلّح لأوكرانيا، لكننا صراحة لا نكتم أنفاسنا انتظاراً لما سيحدث»، مشيراً إلى أنّ من المتوقع بحث فرض المزيد من العقوبات على روسيا في اجتماع الاتحاد الأوروبي». من جهتها، أشارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى أن «حلف شمال الأطلسي» ملتزم اتفاقية وقعت عام 1997 للتعاون مع روسيا حتى لو انتهكت روسيا الاتفاقية، من خلال تصرفاتها في أوكرانيا. وقالت ميركل، في مؤتمر صحافي، إن قادة دول الحلف وعددها 28 وافقوا خلال اجتماعهم في ويلز، على أن تظل الاتفاقية المؤسسة للعلاقات بين روسيا والحلف جزءاً لا يتجزأ من البنية الأمنية لأوروبا.
وأضافت ميركل أن العقوبات الجديدة للاتحاد الأوروبي التي كان من المقرر إعلانها، أمس، بسبب ما وصفته بوجود قوات روسية بشكل غير مشروع في شرق أوكرانيا، يمكن تعليقها إذا ما جرى التوصل إلى اتفاق لإطلاق النار وتوقف التصعيد في الأزمة الأوكرانية.
وفي هذه الأثناء، تتواصل الاستعدادات من أجل بدء مناورات «رابيد ترايدنت» العسكرية، التي من المقرر أن تجري في مركز أمن وحماية السلام الدولي في مدينة يافوريتش في أوكرانيا، في الفترة بين 15 و 26 أيلول الحالي والتي يشارك فيها أكثر من 1300 عسكري من 15 دولة. وتحمل هذه المناورات أهمية، لإرسال الولايات المتحدة الاميركية للمرة الأولى، جنوداً، إلى أوكرانيا، منذ بدء الأزمة بين الأخيرة وروسيا.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)