ألقت المخاوف الأميركية إزاء مبادرة الدفاع الأوروبية، والتوتر بين الولايات المتحدة وتركيا حول سوريا، بظلالها على الاجتماع الوزاري الذي بدأه «حلف الشمال الأطلسي» في بروكسل أمس، وهو الأمر الذي هدد بالانعكاس سلباً على وحدة الحلف.
وبدأ اجتماع وزراء الدفاع بمناقشات حول مساهمات مختلف الأعضاء في النفقات الدفاعية بطلب من الأميركيين. وصرح الأمين العام لـ«الأطلسي»، ينس ستولتنبرغ، قبل بدء الاجتماع بأن الأخير «تشجيع للأوروبيين لبذل المزيد من أجل دفاعهم»، مضيفاً: «إننا بحاجة إلى المزيد من الأموال والقدرات والمساهمات». ولفت ستولتنبرغ إلى أن «مبادرة الدفاع الأوروبية إن كانت مصممة جيداً، يمكن أن تساهم في توزيع عادل للأعباء»، علماً أن دول الحلف تعهدت زيادة إنفاقها العسكري ليصل إلى 2% من إجمالي ناتجها الداخلي بحلول 2024.
أما عن روسيا، فأكد ستولتنبرغ أن الحلف لا يسعى إلى نشوب «حرب باردة» أو سباق تسلح جديد، بل لا يزال يأمل تحسين العلاقات مع موسكو. وهو كان قد كرر أول من أمس مخاوف الإدارة الأميركية، قائلاً: «هناك بالفعل اختلاف في وجهات النظر»، ومذكراً الحلفاء الأوروبيين بـ«حدود مبادرتهم الدفاعية». كما قال الأمين العام لـ«الناتو» إنه «يجب ألّا يصبح الاتحاد الأوروبي بديلاً لما يفعله الحلف»، محذراً من إغلاق الأسواق العسكرية الأوروبية أمام الولايات المتحدة والدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

يخشى الأميركيون إغلاق أسواق
الدفاع في الاتحاد
أمام شركاتهم

وعملياً يخشى الأميركيون إغلاق أسواق الدفاع في دول الاتحاد الأوروبي أمام شركاتهم للمصلحة الأوروبية، ولذلك جاء تصريح ستولتنبرغ رداً على المخاوف التي أعرب عنها الوفد الأميركي بقيادة وزير الدفاع، جيم ماتيس. هذه النبرة الشديدة فاجأت بعض الأوروبيين، إذ أكد ديبلوماسي في بروكسل أنه «لا نية في أي ازدواجية غير ضرورية (في الوسائل) أو اكتساب قدرات غير مفيدة»، مشدداً على أنه «ينبغي قيام علاقة ندية، لأن الدول الأوروبية لا يمكنها توفير تجهيزات دفاعية في السوق الأميركية»، فيما قال ديبلوماسي آخر: «أن نكون أعضاء في الحلف لا يعني أن علينا الارتهان لصناعة الأسلحة الأميركية».
ورغم أن ستولتنبرغ قد أقر بوجود «خلافات في وجهات النظر»، فإنه نفى أن يكون هناك قصور في الثقة بين الأميركيين والأوروبيين، كما أن وزيرة خارجية الاتحاد، فيديريكا موغيريني، ستكلَّفُ تبديد هذه المخاوف. وفي هذا السياق، قال ديبلوماسي أوروبي إنه «لا بد من العمل قليلاً على شرح (المواقف) لكن ليس هناك أي مشكلة جوهرية»، مضيفاً: «البعض يجد أنّ من المناسب الإشارة إلى توتر بين الولايات المتحدة والأوروبيين، لكن هذا غير صحيح».
أما عن التوتر بين واشنطن وأنقرة، فإنه قد يهدد وحدة صف «حلف الأطلسي»، خاصة أن وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، قال الثلاثاء الماضي إن «العملية العسكرية التركية في سوريا ضد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية المتحالفة مع واشنطن أضعفت مكافحة داعش». وكان مصدر في بروكسل قد صرّح بأن هذه العملية «مصدر قلق للحلف الأطلسي، لكن لا يمكن تسويته داخل الحلف»، معتبراً أن «المسألة ستجد حلاً على نحو ثنائي بين الولايات المتحدة وتركيا».
(الأخبار)