لم يكد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون يعلن، أول من أمس، عن ضرورة اتباع مقاربة مختلفة مع كوريا الشمالية، حتى ألحق ذلك بتصريح، من كوريا الجنوبية، أمس، بأن العمل العسكري ضد كوريا الشمالية "خيار وارد"، مشدداً على أن سياسة الصبر التي تنتهجها واشنطن حيال بيونغ يانغ انتهت. ويأتي موقف تيلرسون، في حين اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصين، بأنها لا تبذل جهوداً كافية في الملف.
وفي السياق، أشار الوزير إلى ضرورة وقف برامج كوريا الشمالية الصاروخية والنووية، في تصريحات تنذر بتغيير كبير في سياسة واشنطن تجاه بيونغ يانغ، وتجاه تلك المنطقة بشكل عام. وقال تيلرسون، للصحافيين: "لا نرغب بالتأكيد في أن تصل الأمور إلى نزاع عسكري"، إلا أنه أضاف إنه "إذا زادوا من خطورة برنامجهم للأسلحة إلى حدّ يحملنا على الاعتقاد بأن الأمر بات يتطلّب تحركاً، فسيصبح هذا الخيار وارداً". وشدّد على أن "سياسة الصبر الاستراتيجي، التي تنتهجها الولايات المتحدة انتهت".
وتأتي جولة تيلرسون الآسيوية، بعدما أطلقت بيونغ يانغ صاروخاً بإمكانه، نظرياً، بلوغ قواعد أميركية في اليابان. وتنشر الولايات المتحدة نحو 28 ألف جندي في كوريا الجنوبية، لحمايتها من جارتها الشمالية، لكن صواريخ بيونغ يانغ قادرة على الوصول إلى سيول.
وفيما يحذّر المحلّلون من أن أي نزاع قد يؤدي إلى تصعيد سريع، ويسفر عن عدد كبير من الضحايا، لم يمنع ئلك تيلرسون من الإعلان، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الكوري الجنوبي يون بيونغ ــ سي، أن "سياسة الصبر التي تنتهجها الولايات المتحدة انتهت"، مضيفاً: "نبحث مجموعة جديدة من الإجراءات الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية. جميع الخيارات مطروحة".

ترامب: الصين لا تبذل جهوداً كافية في ملف كوريا الشمالية

واستخدم مصطلح "الصبر الاستراتيجي" لوصف سياسة الولايات المتحدة، في ظل حكم الرئيس السابق باراك أوباما، عندما استبعدت واشنطن التعامل مع بيونغ يانغ حتى تقدّم الأخيرة التزاماً ملموساً لنزع السلاح النووي، على أمل أن تُحدث التوترات في الداخل تغييراً ما. إلا أن نائب وزير الخارجية الروسي إيغور مورغولوف دعا، أمس، إلى كسر "الحلقة المفرغة" التي تسود طريقة التعاطي مع بيونغ يانغ، مشيراً إلى أن ردود فعل واشنطن القاسية تجاه تجارب كوريا الشمالية النووية تزيد من حدة التوتّر في شبه الجزيرة الكورية. وقال لوكالة الأنباء اليابانية "جيجي برس": "نقترح أن يتم النظر إلى الوضع من جوانب عدة لكسر الحلقة المفرغة من التوتر".
وتأتي تصريحات وزير الخارجية الأميركي الأخيرة، بعدما أعلن من طوكيو أن الجهود المبذولة على مدى 20 عاماً لنزع السلاح النووي في كوريا الشمالية، قد أخفقت. وفرضت الأمم المتحدة رزماً عدّة من العقوبات الدولية على كوريا الشمالية، بسبب برامجها الصاروخية والنووية، إلا أن الصين التي تعدّ حاميتها الدبلوماسية وشريكتها التجارية الرئيسية، متهمة بعدم الالتزام بفرضها بشكل كامل. وفي حين يتوجه تيلرسون إلى الصين، اليوم، لحثّها على بذل مزيد من الجهود لكبح جماح جارتها، اتهم الرئيس دونالد ترامب بكين بعدم بذل ما يكفي في ملف كوريا الشمالية. وقال في تغريدة على موقع "تويتر"، إن "كوريا الشمالية تتصرّف بشكل سيئ جداً. إنهم يلعبون بالولايات المتحدة منذ سنوات. لم تقدم الصين مساعدة كافية".
ويرى محلّلون أن تعليقات تيلرسون تنذر بتغيير كبير في مواقف واشنطن. وقال نائب رئيس معهد الدراسات السياسية في سيول، شوي كانغ، إن الهدف من تصريحاته قد يكون "الضغط على كوريا الشمالية والصين. ولكن بالنظر إلى الأجواء السائدة في واشنطن حالياً، فلا يبدو أنه مجرد كلام". وأضاف: "علينا أن نرى إلى أي مدى يرغبون في المضيّ قدماً بالخيار العسكري، ولكن ما يحاول إظهاره هو أن واشنطن ليست مهتمة بالانخراط في حوار مع كوريا الشمالية".
أما دانيال بينكستون، المحاضر في جامعة تروي في سيول، فحذّر من أنه رغم قدم معداتهم وعدم قدرتهم على خوض حرب طويلة الأمد، إلا أن الكوريين الشماليين "سيقاتلون للدفاع عن بلدهم في حال تعرضهم لهجوم".
(الأخبار، أ ف ب)