أرخى قبول البيت الأبيض بإعطاء الكونغرس سلطة في الاتفاق المحتمل مع إيران بشأن الملف النووي بظلاله على التوقعات التي تحفل بها المهلة النهائية لهذا الملف. فقد أدخل هذا التطور عنصراً جديداً من الشك، في المراحل الأخيرة الحساسة، من المفاوضات بين القوى العالمية الكبرى وإيران، حتى ولو تمّ تبريره بأنه مبني على تسوية نادرة. وفي الوقت الذي قلّل فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني من أهمية هذا القرار، برز توجّس لدى مجموعة «5+1» والدول الغربية، عبّر عنه وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي صرّح، أمس، قبل لقائه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بأن تقييم المفاوضات مع إيران وفرص تأثرها بالاتفاق في الكونغرس، ستتم مناقشتهما مع كيري.
رغم ذلك، لم يعطِ روحاني أهمية لتهديد الكونغرس بعرقلة أي اتفاق مع إيران، مؤكداً أن طهران لا تتفاوض مع البرلمان الأميركي، بل «مع مجموعة اسمها 5+1»، في حين صرّح كيري بأنه واثق من أن الرئيس باراك أوباما سيتمكن من الحصول على موافقة الكونغرس على الاتفاق مع إيران.
وفي خطاب في راشت (شمال)، أكد روحاني أن «ما يقوله مجلس الشيوخ الأميركي وما يريده مجلس النواب الأميركي وما يسعى إليه المتطرفون في الولايات المتحدة وما يقوله المرتزقة في المنطقة، لا يعني شعبنا ولا حكومتنا».
دهقان في موسكو: سنتسلم الـ«أس 300»
في عام 2015

وطلب من القوى الكبرى قبول اتفاق نووي «يحترم الأمة الايرانية»، مؤكداً أن إيران «مرنة» في المفاوضات، ومجدداً التشديد على «النقطة الرئيسية» في هذه المفاوضات، وهي أن «الكل يعرف أنه لن يكون هناك اتفاق من دون رفع للعقوبات».
من جهة أخرى، قال روحاني إن «هدفنا النهائي ليس هيمنة إيران على المنطقة ولا هيمنة الشيعة على السنّة. في نظرنا ليس هناك فرق بين شيعة وسنّة أو أتراك وعرب وبلوش».
في هذه الأثناء، كان جون كيري قد وصل إلى ألمانيا لحضور اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في مدينة لوبيك الشمالية. وقال «يلوح في الأفق تحدّي إنهاء المفاوضات مع إيران، خلال فترة شهرين ونصف الشهر»، مضيفاً أنه «تم التوصل إلى تسوية في واشنطن أمس بشأن دور الكونغرس. نحن واثقون بقدرة الرئيس على التفاوض بشأن الاتفاق والقدرة على جعل العالم أكثر أمناً».
وبعدما كان قد أبدى قلقاً قبل الاجتماع، لكن شتاينماير عقب، بعد ذلك، بالإشارة إلى أن كيري أكد، خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجموعة السبع، أن اتفاق الإطار الذي جرى التوصل إليه مع إيران سيجري تمريره في الكونغرس الأميركي.
وجاء التصويت في الكونغرس، أول من أمس، بعدما توصّل رئيس اللجنة بوب كوركر وكبير الديموقراطيين بين كاردن إلى حلّ وسط، بشأن لغة النص لتهدئة مخاوف البيت الأبيض وبعض الديموقراطيين. وقال كوركر «أعتقد أننا توصلنا إلى توازن»، فقط بعدما اتضح وجود تأييد ديموقراطي قوي له. وأقرّت اللجنة مشروع القانون بالإجماع، ومن المتوقع تمريره إلى مجلس الشيوخ بكامل هيئته ثم مجلس النواب.
وأصرّ كاردن وكروكر على أن يسمح القرار للمحادثات بين إيران ومجموعة «5+1» بأن تستمر من دون أن يعرقلها تدخل الكونغرس. غير أنهما شددا أيضاً على أن البيت الأبيض لن يمكنه رفع العقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي عن إيران، من دون ضوء أخضر من الكونغرس.
وتنامى تأييد الحزبين لمشروع القانون، في الأسابيع القليلة الماضية، ليقترب من العدد اللازم لتجاوز أي نقض رئاسي، وهو 67 صوتاً. لكن أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزب الديموقراطي، الذي ينتمي إليه أوباما، نجحوا في إضافة تعديلات لتخفيف مشروع القانون حتى يلقى قبولاً أكبر من البيت الأبيض.
وينص مشروع القانون الذي تم إقراره على أن يراجع الكونغرس أيّ اتفاق نهائي مع إيران، خلال 30 يوماً بدلاً من 60 يوماً، وحذف منه إلزام أوباما بأن يشهد بأن إيران لا تدعم أعمالاً إرهابية ضد الولايات المتحدة. وبدلاً من ذلك يلزم مشروع القانون الإدارة الأميركية بتقديم تقارير منتظمة ومفصّلة إلى الكونغرس بشأن عدد من القضايا، من بينها دعم إيران للإرهاب وصواريخها البالستية وبرنامجها النووي. كذلك يلزم مشروع القانون الإدارة بإرسال نص أي اتفاق نهائي إلى الكونغرس، بمجرد الانتهاء منه، ويحرم أوباما من القدرة على تخفيف العقوبات الأميركية على إيران أثناء فترة مراجعة الكونغرس للاتفاق، ويسمح أيضاً بإجراء تصويت نهائي على رفع العقوبات التي فرضها الكونغرس، مقابل تفكيك إيران لقدراتها النووية.
هذه الخطوة لقيت ترحيباً إسرائيلياً عبّر عنه وزير الاستخبارات يوفال شطاينتس، مصرّحاً بأن إسرائيل راضية عن الاتفاق الذي توصل إليه الكونغرس الأميركي وإدارة أوباما. وقال شطاينتس، للإذاعة الإسرائيلية، «نحن سعداء بالتأكيد هذا الصباح. هذا إنجاز لسياسة إسرائيل. خطاب (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) في الكونغرس... كان حاسماً في التوصل إلى هذا القانون، وهو عنصر مهم جداً في الحيلولة دون التوصل لاتفاق سيّئ، أو على الأقل في تحسين الاتفاق وجعله أكثر منطقية».
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، أن الاتفاق حول برنامج نووي مدني إيراني «قريب جداً»، مشدداً على ضرورة إرفاقه برفع فوري لا تدريجي للعقوبات.
وفي مقابلة نشرتها 4 صحف إسبانية، قال ظريف «لطالما كنا شعباً مسالماً ويمكن مطالبتنا بإبرام اتفاق، وهو أمر وشيك، لكن لا يمكن مطالبتنا بالتنازل عن كرامتنا. إذا اتفقنا فستتخذ إيران إجراءات في اليوم نفسه، وعلى الطرف الآخر فعل المثل»، وفق صحيفة «ال بايس».
وأضاف «قد يستغرق الأمر عدة أسابيع ليتمكن الطرفان من إعداد تطبيق الاتفاق، لكن العقوبات سترفع يوم مصادقة مجلس الأمن الدولي على الاتفاق»، مؤكداً أن حكومته قادرة على مواجهة الصعوبات داخلياً إن لم تتعرض «لضغوط».
في هذا الوقت، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أن «وزير الخارجية محمد جواد ظريف يمكن أن يواصل المفاوضات النووية، على هامش مؤتمر للأمم المتحدة حول نزع الأسلحة، في نهاية نيسان في نيويورك».
أما في إطار مستجدات صفقة توريد صواريخ «اس 300» روسية إلى إيران، فقد أعلن وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان أنه سيوقّع على صفقة تسليم منظومة الصواريخ «اس 300» خلال الزيارة التي بدأها، أمس، لموسكو، مشيراً إلى أن إيران ستتسلم هذه الصواريخ خلال العام الحالي.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)