ينمو الكائن الحي بتخفٍّ ودفء داخل أجسام القوارض. «يرسينيا بيستيس» هو الاسم الآخر والحيادي للبكتيريا العضويّة التي تسبّبت لسنوات طويلة بالموت الأسود. انتشر الموت على عاتق كائنات ضئيلة أخرى مثل البرغش والحشرات الطائرة، بتولّيها نقل العدوى من الجرذ المصاب إلى أجسام البشر، محوّلة الكائنات البشريّة إلى جرذان ضخمة، تُنبذ إلى الشوارع، وتنقُل الفزع والتقزّز إلى أجساد المارّة قبل أن تنقل إليها الإصابة.
(تصميم: فرانسوا الدويهي)

الطاعون متوارٍ في كلّ الحالات، غالبية أعراضه كالحرارة المرتفعة، والألم الذي لا يشعر به إلا المريض تظلّ متخفّية، ما خلا الأعراض المرئيّة كالبقع السوداء التي تتمدّد على الأطراف. الأجساد المعاصرة مصابة أيضاً بثقل مُضمر بفضل أسلاك وتأثيرات، تجعلها مجرّد هياكل برّانيّة متحرّكة لا تجتمع إلا في طوابير المحاسبة داخل المراكز التجاريّة الضخمة أو في دواليب دوّارة كما في أقفاص القوارض إيّاها. الأجساد مرميّة على الأرائك في وضعيّة استلقاء بليدة بينما الجمجمة تتلقّى دبابيس الإنذارات الإلكترونية، ولا تستيقظ من الخدر بل تُذعِن له وتستريح.
مثلما يصبح الانتظار ذريعة للبقاء أو مجرّد تأجيل موارِب للمغادرة، يصرّ العدد الحالي من «إنّما» بعنوان «جوكر مصاباً بالطاعون. ماذا عن حريق الأمازون؟» على التذكير بأنّ الحرائق لا تخمد في الأمازون، ولا هي تنطفئ في الرأس كذلك ولو أنها لا تلسع إلا المُصاب بها.