أظهر بحث قامت به منظّمة «سومو» (تحقّق في الشركات المتعدّدة الجنسيات) يشمل أكبر 27 شركة أدوية في العالم، أنه على مدار 18 عاماً مضت، حوّل القطاع تركيزه من كونه منتجاً للأدوية إلى صناعة استثمارية تبغي الربح المتوحّش بمعزل عن أي شيء آخر. نتائج هذا البحث تقوّض حجّة الصناعة بأن أكلاف صناعة الأدوية المرتفعة ضرورية لأبحاث الأدوية وتطويرها، إذ إن هذا «التمويل» يُستخدم بشكل أساسي من أجل تحقيق الربح ومصالح أصحاب الأسهم. وقد ظهرت نتائج هذا التوحّش بوضوح خلال جائحة كورونا، إذ بات القطاع عرضة للتقلبات في سوق رأس المال مع عواقب اجتماعية كبيرة محتملة.
أنقر على الرسم البياني لتكبيره

الانتقال من مهمة صناعة الأدوية إلى صناعة المال عبر الأدوية، ظهر بحسب «سومو» على شركات الأدوية الكبرى بين عامي 2000 و2018. ففي هذه الفترة جرى استثمار المزيد من الأموال في الأنشطة المالية وعمليات الاستحواذ، واستُثمرت موارد أقلّ في وسائل الإنتاج. كما زادت الاحتياطات المالية للشركات الـ27 من 83 مليار دولار أميركي إلى 219 مليار دولار أميركي في عام 2018.
وتكشف الدراسة أنه رغم هذه الاستراتيجية القائمة على الربح، إلا أن شركات الأدوية الكبرى كانت في الواقع غارقة في الديون. فمن عام 2000 ولغاية عام 2018، ارتفع الدين المُجمع للشركات الـ27 المدرجة في هذا البحث من 60 مليار دولار أميركي في عام 2000 إلى 518 مليار دولار أميركي في عام 2018. وفي ما يتعلق بحجم الأعمال، ارتفع مستوى الدين من 21% في عام 2000 إلى 72% في عام 2018.
ومع ذلك، لم يتم استثمار هذه الأموال المقترضة في البحث والتطوير لعقاقير جديدة أو القدرة على الإنتاج. وبدلاً من ذلك، تم دفعها بشكل أساسي للمساهمين كأرباح وتم إنفاقها على إعادة شراء الأسهم.
وفي الفترة المذكورة، أنفقت الشركات الـ27 مبلغ 1540مليار دولار منها 676 مليار دولار على إعادة شراء أسهم الشركة و864 مليار دولار على توزيعات الأرباح. وفي أكبر عشر شركات أدوية، كان إجمالي توزيع الأموال على المساهمين 142% من إنفاق ذلك العام على البحث والتطوير.
وتوضح الدراسة أن جائحة كورونا كشفت مدى ضعف إستراتيجية التمويل التي تتبعها شركات الأدوية الكبرى. ويُظهر ضعف استثمارات شركات الأدوية الكبرى في الأدوية واللقاحات الجانب السلبي القاتل لنموذج الأعمال التجارية على نطاق عالمي، إذ بات يتعيّن على الحكومات الآن أن تقود الطريق مالياً من أجل تطوير اللقاحات.