في السنوات الماضية كانت الإحصاءات الصادرة عن لجنة الرقابة على المصارف تعتمد معيار الحساب المصرفي. هذا يعني أن عدداً من المودعين يملكون أكثر من حساب مصرفي واحد، ما كان يخفي نسب التركّز المصرفي بين المودعين. أما اليوم، فقد أجرى مصرف لبنان إحصاءً في إطار تحديد المودعين الذين يحقّ لهم الاستفادة من التعميم 158 (يتضمن التعميم تسديد 400 دولار نقداً و400 دولار نصفها على سعر السوق نقداً ونصفها الثاني في الحساب لا تستعمل إلا عبر البطاقة المصرفية أو الشيكات). هذا الإحصاء يشير إلى عدد المودعين الذين يملكون حسابات بالدولار الأميركي (لا يتضمن الحسابات بالليرة أو الحسابات الطازجة بالدولار)، بلغ في نهاية آذار 2021 نحو 1,451,829 مودعاً لديهم 107.28 مليارات دولار.

الشريحة الأكبر من المودعين بالدولار، هم الذين يملكون ودائع في كلّ منها أقل من 5 ملايين ليرة. يبلغ عددهم 695959 مودعاً ويملكون ما مجموعه 369.9 مليون دولار. في المقابل، هناك الشريحة الأدنى هم الذين يملكون ودائع تفوق الـ150 مليار ليرة. يبلغ عددهم نحو 17 مودعاً يملكون ما مجموعه 3819.1 مليون دولار.
التركّز في الودائع واضح المعالم. المودعون الذين يملكون في حساباتهم أقلّ من 30 مليون ليرة يمثّلون 68.3% من مجموع عدد المودعين بالدولار في القطاع المصرفي، لكن لديهم 2.9% من مجموع الأموال المودعة بالدولار. وفي المقابل، إن المودعين الذين يملكون في حساباتهم أكثر من 15 مليار ليرة، فإنهم يمثّلون 0.04% من مجمل عدد المودعين، ويملكون نحو 14.9% من مجموع الودائع بالدولار.
ليست هناك إحصاءات مماثلة متوافرة عن الفترات الماضية، إلا أن التغيّر طاول بالتأكيد الشرائح الأدنى من خلال عدد من التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان، والتي أتاحت إطفاء القسم الأكبر من الودائع التي يقلّ ما فيها عن 5 ملايين ليرة، إلا أنه بسبب إتاحة السحب على سعر صرف يبلغ 3900 ليرة، فإن شرائح أعلى من المودعين، وخصوصاً الشريحة التي تملك في الحسابات المصرفية أقلّ من 30 مليون ليرة، سحبت بعضاً من أموالها وانزلقت نحو شريحة المودعين الذين يملكون أقل من 5 ملايين ليرة في حساباتهم.
أما في الشرائح الأقل عدداً والأكبر في القيم المالية، وتحديداً شريحة الذين يملكون أكثر من 100 مليون دولار (150 مليار ليرة) فمن اللافت أن مجموع ودائعهم بالدولار بلغ 3.8 مليارات دولار مقارنة مع مجموع ودائع هذه الفئة ضمن الإحصاءات السابقة والتي تتضمن ودائع الليرة أيضاً، 4.8 مليارات دولار، وأن يكون عددهم قد تراجع من 23 حساباً إلى 17 مودعاً. فهذا يعني أن هؤلاء المودعين كان لديهم أكثر من حساب مصرفي واحد بقيم كبيرة جداً، أو أن بعضهم تمكّن من تهريب كل أمواله وإقفال حساباته.